هل تخلو الحياة من المشكلات؟
هل يخلو يوم المرء من المنغصات؟
أثمة من يفخر بيد في الماء البارد لا يهتم لشأنه ولا لشأن من هم حوله؟
أثمة من يقيم في منطقة معزولة عن هبوب تيارات الكدر؟
من النادر ان تكون الاجابة بـ (نعم) حازمة صارمة، تغفل عن الواقع، وتقيم السواتر، وتحفر الخنادق، لا صلة لها بما قبل وبعد. هناك شيء بالتأكيد يتسلل ويفرض نفسه خارج منطقة اللامبالاة التي ان وجدت فلن تدل الا على حياة بائسة منقطعة، اقتنعت بالحفرة ورسمتها، اقتناعا بانها البيت والملاذ، والملجأ فيه المنعة والحصانة من كل شيء يهب، يقتلع. حتى الانقاض لا تبقى على صورتها، تأخذها عوامل التغير بالتعرية والنحت والتقليب. لا تظل على حالها لن تظل على حالها.. سنة الحياة التي اودعها الخالق في هذا العالم. نهر الحياة في صيرورة قلابة غلابة. ديمومة من التغير، وعدم الثبات، الحجر وحده هو مالا يستجيب.. "ليت الفتى حجرا" مقولة شاعرنا القديم لا سبيل اليها، ولن تكون طريقا للراحة ابدا.
لن تكون كأس الحياة صافية كعين الديك لا يشوبها كدر، ولا يخالطها غم القذى اليومي، انتبهت اليه او لم تنتبه، يندفع الى كأسك في السهو والغفلة، وفي اليقظة والصحو.. قطرة من المر تسيل، تخالط ما تحسبه عذبا رائقا، وربما احالت، هذه القطرة، الحياة الى جحيم وشبح من مرارات متراكمة لا تطاق. لان البعض منا. لا يريد ان يعترف انه ازاء مشكلة، سوف تكبر وتتضخم اذا لم يتطامن قليلا ويرفع بخجل، سبابة الاعتراف ونظن، وبعض الظن اثم، اننا عندما نتعامى عن المشكلة، فانها تذوب في هواء هذا الظن الاسود الحاجب لعافية الحل والمخرج من بئرها التي تعمق وتغزر هاويتها، كلما عاندنا وانصرفنا بالوجه عن المشكلة انصرافا غير حميد ولا مشكور، هذا يفاقم المشكلة ويصنع منها مشكلات، كل واحدة لها خيوطها المتشابكة التي تنسج الظرف الملائم لملمات اقوى واكثر كدرا، لان الزمن والتقادم يصنع منها كتلا صلبة متينة تعصى على التحول والانفكاك الى ذرات صغيرة يسهل التخلص منها كحال المرء وقت ينتبه مبكرا ويواجه ويتقدم بحثا عن الحل.
لماذا نتعامى.. لماذا نصد. لماذا نتجاهل ونلوي العنق.. يتحدثون في علم النفس عن العقل المنغلق بفعل آلية الانكار التي تصنع في العقل مناطق عمياء مصفحة، لا يمكن اختراقها تصبح بمثابة درع، يمنح احدنا الوقاية من الاشياء التي لا نستطيع ان نواجهها ولا قبل لنا بتحمل المسؤولية عما ينجم عنها من اثار في حياتنا الشخصية او حياة من هم حولنا ولنا قسط وافر من هذه المسؤولية نحوهم.. فيشيع في حياتنا اطمئنان كاذب، لا سند له، بل هو جدار هش سرعان ما يتهاوى ويكشف المطمور من المساوىء.. حبل الخداع، الذي فتلناه قصيرا، ولا يوصل الى نجاة.
متى نعترف بحاجتنا الى المواجهة بديلا عن الانكار والتعامي. حتى تتغير ظروفنا وحياتنا هل نتدبر.. ام على قلوب اقفالها؟