لا يحب علي عبدالعزيز الضويان ان يطيل الوقوف في منطقة النصح, ومع ذلك فهو لا يطالب الأجيال الجديدة بأكثر من الصبر والإرادة القوية وطرق أبواب المستقبل في ثقة وثبات.. كما يطلب منهم ان يضيفوا الى حماسة البدايات الدأب والمثابرة والقدرة على تجاوز المواقف الصعبة وقراءة تجارب الرعيل الأول من رجال الأعمال ويأخذوا منها ما يعينهم على بدء الرحلة من حيث انتهى الآخرون.
في (أشيقر) بنجد وبالتحديد في عام 1347هـ ولد علي الضويان صاحب مجموعة الضويان التجارية وأمام قسوة الحياة وشظف العيش وصعوبة الحصول على الرزق, اتخذ القرار الصعب, وترك مسقط رأسه وهوى قلبه وبحث عن حياة جديدة في منطقة أخرى.
سافر علي الضويان الى الجبيل يسبقه طموحه, وعلى ظهر الجمل الذي حمله اليها ظل يفكر في المستقبل الغامض ويحاول ان يكسر حاجز الخوف من المجهول. استغرقت رحلته الى الجبيل عشرين يوما واستغرقت مسيرته في المنطقة الشرقية حياته كلها, وهي حياة حافلة مليئة بالاصرار والتحدي والرغبة في النجاح, وإثبات الوجود. في الجبيل مارس علي الضويان بعض الأعمال التجارية البسيطة.. اشترى الأقمشة وباعها.. كسب وخسر وكسب وكون رأس مال ساعده على ان ينتقل الى تجارة استراتيجية يحتاج اليها كل الناس ولا يستغني عنها أحد وهي تجارة المواد الغذائية.
ضاقت الجبيل بأحلام علي الضويان فآثر ان ينتقل الى الدمام ومعه ما اكتسبه من خبرات وما اختزنه من تجارب, ليشتري سيارة مستعملة, ويستورد البضائع من هولندا وأمريكا ويرصد أفعال من سبقه من التجار ليقتدي بها, ويكتب الى الشركات الأجنبية ما يحتاج اليه من بضاعة, ليأتيه الرد بعد شهرين فيفتح اعتمادا في البنك.
وعندما تأتي البضاعة يتولى تخليصها وبيعها في ذلك الوقت كانت الدمام ـ بما شهدته من تطور ـ قد بدأت تجتذب كثيرا من البيوت التجارية التي بدأت في الجبيل مثل القاضي والسحيمي والمعجل وابن يعيش.
وفي عام 1385هـ يبدأ علي الضويان في تجارة العقارات, فقد اشترى أرضا في شارع الظهران وخططها وباعها وكسب ـ خلال شهرين ـ 250 ألف ريال, ليكتب الكلمة الأولى في قصة نجاحه ويصبح ـ مع الصقعبي ـ من أشهر تجار العقار في المنطقة في تلك الفترة.
في فترة الطفرة شهد سوق العقار انتعاشا كبيرا وتضاعفت أسعاره اضعافا مضاعفة وأقبل كثيرون على الاقتراض من البنوك وشراء أراض كثيرة والاحتفاظ بها طمعا في ربح أكثر إلا انهم خسروا خسارة كبيرة بعد ان انتهت الطفرة وعادت الأسعار إلى سيرتها الأولى, ونجا علي الضويان من هذا المأزق لانه كان يشتري العقار ويبيعه ولا يحتفظ به لتجنب الانخفاض المفاجىء في الأسعار ولحرصه على سرعة دوران رأس المال في هذا القطاع الذي قد يتعرض لهزات كثيرة وكبوات مفاجئة, ولكنه لا يلبث ان ينهض منها ويعود قويا منتعشا كما كان, والدليل على ذلك ان الركود الذي اعقب انتهاء مرحلة الطفرة اعقبه انتعاش كبير بعد انتهاء حرب الخليج الثانية, فالركود في سوق العقار لا يستمر طويلا ولكن يعقبه ـ دائما ـ انتعاش جديد.
وحتى تتمتع سوق العقار بالاستقرار يرى على الضويان أهمية وجود تنظيمات تحد من ارتفاعات الأسعار غير الواقعية مثل التركيز على تنويع قنوات الاستثمار وتوفير الخدمات اللازمة لمخططات الأراضي الواقعة ضمن النطاق العمراني وايجاد نظام للفصل بين الأراضي المعدة للبناء والأخرى المعدة للتجارة والتي لا تحتاج الى خدمات إلا بعد عدة سنوات.
كما ان تقسيم السوق الى تخصصات يساعد على استقراره ويوفر المصداقية للعاملين فيه.
ويرى تقسيم سوق العقار الى ثلاثة أقسام هي قسم تجارة العلاقات ويشمل العقاريين العاملين في البيع والشراء, والثاني قسم إدارة العلاقات وهم العقاريون العاملون في إدارة المرافق والمنشآت العقارية, ثم وسطاء العقارات وهم من يقومون بالتوسط بين المالك والمستأجر لتأجير العقارات التجارية.
وحول الاقبال على إنشاء المجمعات التجارية في الآونة الأخيرة يرى علي الضويان انه أمر طبيعي يتناسب مع الزيادة المطردة في عدد السكان ومواكبة التطور الحضاري في المدن الكبيرة مثل الرياض وجدة والدمام ولكن لا بد ان تسبق هذه المشروعات دراسات جدوى مستفيضة حتى تفي بالأغراض المنوطة بها.
وعمل علي الضويان فترة محدودة في مجال شراء العقار وبنائه ثم بيعه, فقد كان يشتري الأرض ويبنيها ويبيعها للعاملين في أرامكو ولكنه وجد ان من الصعب ان تقوم شركات العقار ببناء مجمعات سكنية, ثم تمليكها للمواطنين لاختلاف الأذواق ولوجود تباين كبير جدا في رغبات طالبي الوحدات السكنية مما يصعب بيع أنماط متشابهة من المساكن.
ويرى ان المنطقة الشرقية تمتلك امكانات طبيعية ساحرة تؤهلها لتلعب دورا مهما على خارطة السياحة في المملكة وعلى خارطة السياحة العربية ويرى ان المجمعات التجارية الكبيرة ومن بينها مجمع الحياة بلازا الذي يمتلكه هو نوع من الاستثمار السياحي ومعالم من معالم التطور الحضاري في المنطقة.
ويشعر علي الضويان بالرضا على ما حققه من نجاح خلال رحلته الطويلة في دنيا المال والأعمال ويحمد الله كلما تذكر البدايات الصعبة وصعوبة الحياة في (اشيقر) وقراره الصعب بترك مسقط رأسه والرحيل الى الجبيل بعيدا عن الأهل والأقارب والأصدقاء وبدء رحة التحدي بكل ما فيها من مشقة ومعاناة وإصرار على النجاح.