احمد الله على اننا اعترفنا وبشجاعة بوجود فقر في المملكة.. مثلها في ذلك مثل جميع الدول الكبرى.. والصغرى دون استثناء.. وان هذه الحقيقة لا تعيبنا.. لان الفقر حقيقة يعيشها العالم.. وسنة كونية فامريكا اكبر.. واغنى دولة في العالم على (جلالة قدرها) لديها 6.8 مليون اسرة فقيرة.. ويشكل من على خط الفقر او دونه 2.8 بليون انسان اي مامجموعه 50% من سكان العالم يعيشون على اقل من دولارين يوميا.. منهم 1.2 بليون نسمة يعيشون على اقل من دولار واحد.. وثمانمائة مليون نسمة يتضورون جوعا.. واكثر من بليوني نسمة لا تتوافر لهم الصحة الوقائية والنظافة العامة من بينهم 1.300 بليون من دول العالم الثالث.. لكن الفقر في المملكة كالهواء تشعر به ولا تراه حيث لا تعرف على وجه الدقة نسبته بين السكان السعوديين ولا وجوده الاجتماعي وتوزيعه الجغرافي على خارطة المملكة لغياب تعداد احصائي يستند الى دراسات اجتماعية وعلمية لكن اسبابه الموضوعية معروفة.
@ وبعيدا عن التفسيرات.. والرجم بالغيب لم يدخل الامير عبدالله بن عبدالعزيز مساكن احد الاحياء الفقيرة في العاصمة.. وقلوب سكانه المعدمين شيوخا وعجائز واطفالا فحسب بل ولج دون موعد سابق قلب كل سعودي.. بعفوية وصدق.. قلوب شعرت بشعور الامير مما رأى.. وسمع.. وتأثرت اكثر لتأثره.. ماجعل كل من تحدث.. وكتب.. واثنى وشكر لسان صدق للغالبية العظمى من ابناء هذا الوطن ومن يعرف عبدالله بن عبدالعزيز يعلم ان انسانيته تتجاوز كل الاعتبارات وانه من ازهد الناس بالمديح.. واعفهم عن الثناء لايمانه بانه انما يؤدي واجبا ائتمنه الله عليه.. ومن يعمل لله لا ينتظر جزاء الا منه تعالى في سمائه.. ويؤكد هذه الحقيقة التي هي من صفات القيادة السعودية منذ عهد الملك المؤسس عبدالعزيز طيب الله ثراه قول سموه: (الهدف من مجيئي هنا الليلة يحمل واجبا تمليه علينا عقيدتنا الاسلامية التي تتجاوز اي اعتبارات سياسية او اعلامية).. لذلك بعيدا عن الثناء.. والشكر.. والمديح اجد في هذه المناسبة حافزا على الادلاء بدلوي بين الدلاء بما يمثل وجهة نظر.. لعل فيها فائدة والا فاني في حكم المجتهد.. حسنتان.. أو واحدة.
@ الكل يأمل خيرا بالقرار الذي اتخذه سموه لانشاء صندوق لمكافحة الفقر واعداد استراتيجية.. وتكوين لجنة لهذا الغرض لان الفقر خطر على عقيدة من لا طاقة له على الصبر.. قد يؤدي به الى الكفر.. وله تأثير سيئ على اخلاق وسلوك بعض الذين تعضهم الحاجة بانيابها حيث يدفع الحرمان البعض في سعيهم لجلب المال الى ارتكاب الرذائل والمنكرات.. ومن مساوئ الفقر حرمان المجتمع من الاستفادة من شريحة من ابنائه الباحثين عن فرص العمل.. والمساهمة في الانتاج وتوفير الحد الادنى من احتياجاتهم المعيشية فتصرفهم الحاجة وضغوطها عن ذلك مما قد يخلق عندهم نوعا من الاحباط وعدم المبالاة.. بل قد تستثير مشاعر اليأس والحقد والبغضاء.. والحسد تجاه المجتمع.. والسلطة.. وقد تنال من العلاقة بين افراد الاسرة الواحدة بعضهم ببعض فتتمزق اواصر الوفاق.. والتراحم بينهم ما يدفع الى التفكك الاسري.. بل لقد دفع الفقر ببعض الاباء.. والامهات الى التخلص من اولادهم بالبيع.. او القتل.. وليس اكثر من الفقر اثارة للنفوس والفتن.. وتقويضا لاركان المحبة والاخاء بين افراد المجتمع الواحد ناهيك عن اخطاره على الصحة اذ يصبح جسم الفقير نهبا للأمراض بسبب سوء التغذية وافتقاد السكن لابسط شروط الصحة العامة.. كما يؤدي تدني مستوى التعليم والدخل عند الفقراء الى انزلاق في مهاوي الانحراف والجريمة.. حيث اشارت دراسة امريكية ان 75% ممن قبض عليهم في جرائم مختلفة خلال سبع سنوات كانوا من ذوي الدخل المتدني جدا.. ومستويات تعليمية متواضعة..
@ عالج الاسلام مشكلة الفقر.. ووضع لها حلولا فحث على السعي لالتماس الرزق.. لقوله صلى الله عليه وسلم: (فاتقوا الله ايها الناس واجملوا في الطلب) الحاكم مع التأكيد على التزام القناعة بما قسم الله.. روى ابن ماجة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ارض بما قسم الله لك تكن اغنى الناس) ولم يترك الاسلام الاغنياء لاجتهاداتهم.. وتبرعاتهم.. وهباتهم ووضع لها ضوابط تتعلق بالارث والوقف واوجد نصيبا مفروضا يتمثل في الزكاة التي هي احد اركان الاسلام بلغ من اهميتها اقترانها بالصلاة في القرآن وهي تؤخذ منهم عن طيب خاطر للفقراء وذوي الحاجات.. ولاحتياجات الخاصة كالايتام.. والارامل.. والعجزة.. والمعوقين.. واصحاب العاهات.. ومن في حكمهم.
@ حث الاسلام على العمل لمردوده المعنوي والمالي.. والنفسي نتيجة اعتماد الفرد على نفسه بدل ان يكون عالة على غيره.. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما اكل احد طعاما قط خير من ان يأكل من عمل يده) البخاري.. وكما حث الاسلام على العمل نهى عن مسألة الناس الا ان يسأل ولي الامر عند الضرورة فهو الذي استرعاه الله اياه لقوله صلى الله عليه وسلم: (لان يغدو احدكم فيحتطب على ظهره ليتصدق به ويستغني عن الناس خير له من ان يسأل رجلا اعطاه او منعه ذلك ان اليد العليا خير من اليد السفلى) مسلم.. وهناك التكافل الاسري الذي يؤدي غيابه احيانا الى الفقر عند عجز رب الاسرة.. او مرضه.. او وفاته لذلك وجه الاسلام (واولوا الارحام بعضهم اولى ببعض في كتاب الله) الانفال "75" وقوله عليه الصلاة والسلام: (من احب ان يبسط له في رزقه, وان ينسأ له في اجله فليصل رحمه) الشيخان وغيرهما،
@ واضافة الى مايجود به الخيرون هناك منافذ.. وقنوات بامكانها حقن الصندوق بجرعات من الاموال كبيرة منها بعض الاموال التي تصرف على اعمال خيرية خارجية ان لم يكن معظمها.. وتخصيص مبلغ الـ 2.50 ريال التي تستولى عليها البنوك شهريا دون وجه حق من الحسابات الصغيرة غير المتحركة الى ان تلتهمها كاملة.. وقيام شركة الاتصالات بايداع مبلغ الـ 50 ريالا التي (تلهفها) ظلما وعدوانا مقابل اعادة الخدمة لهواتف الجوال المفصولة مؤقتا في حساب الصندوق كما يمكن للامانات والبلديات ان تسهم بجزء من دخلها مقابل اصدار التراخيص.. ورسوم اللوحات الاعلانية.. والمواقع الاستثمارية.. وحبذا لو خططت بعض المرافق كالحدائق.. ومواقف السيارات.. وبعض المواقع الخدمية الاخرى التي لا حاجة لها بها وحولتها الى اراض سكنية يتم بيعها لصالح الصندوق.. وبامكان الدولة اقتطاع جزء من مساعداتها المالية التي تقدمها من دخلها الوطني للدول الفقيرة للصندوق.. مع احكام قبضتها على الزكاة التي تجبيها مصلحة الزكاة والدخل لتورد العائد على الارباح الحقيقية وليست المقدرة التي تراعى فيها الخواطر احيانا.. وهناك الغرف التجارية الصناعية الكبرى.. وهي مؤسسات غير ربحية التي يمكن ان تتبرع بنسبة ثابتة من دخلها.. كما يمكن اخضاع تجارة الاسهم باقتطاع نسبة من واقع المبيعات اليومية.
@ زيارة سمو ولي العهد الميدانية نهاية لمقولة (كلش زين الله يحيك) وادعو الله في اخبات وتبتل ان يصبح سموه قدوة لبعض المسئولين عن الخدمات والحسنات الذين يعيشون وهم الاستقرار.. والاستمرار فاستمرأوا القعود في ابراج عاجية لا يعرفون الا جولات (المفاطيح).. و(الترزز).. واعلانات الترحيب التي تستهلك احيانا (ملاحق) صحفية خاصة!! وان يدرك الجميع.. مسئولون ومواطنون ان الاستراتيجية الفاعلة والمؤثرة لمكافحة الفقر كما يقول تقرير التنمية الانسانية العربية الذي اصدره البرنامج الانمائي للامم المتحدة UNDP بالتعاون مع الصندوق العربي للانماء الاقتصادي والاجتماعي (لا تقتصر على وضع التصورات بما يجب عمله.. بل تتجاوز ذلك الى الفعل والممارسة والتحقق من تطبيق هذه الاستراتيجيات.. وهذا بدوره يتطلب تعزيز مشاركة سياسية على نطاق واسع محكومة بالمساءلة والشفافية داخل مؤسسات الحكم) واضيف: وحوارا صريحا وبناء.. وتضافر الجهود على كل المستويات.. وفي جميع القطاعات عامة.. وخاصة.. واختيار اعضاء ليسوا من الذين يقول عنهم المثل الشعبي (عكوز بكوز في كل بيت مركوز)!!