سقوط الطائرة الاوكرانية قرب اصفهان في ايران يعتبر مؤشرا جديدا على قوة الاصابع الخفية التي تلعب من وراء الكواليس لمنع الدول العربية والاسلامية من تطوير أية قدرات صناعية سواء في المجال العسكري او المدني وهذا يعيد الى الاذهان حوادث تخريبية مماثلة كان اخطرها في الاشهر الاخيرة تفجير حافلة تحمل الخبراء الفرنسيين في اسلام اباد والذين كانوا يعملون على بناء غواصات لباكستان، ورغم ان الاعلان المبدئي عن سقوط الطائرة الاوكرانية قرب اصفهان لم يشر الى حقائق تشير الى تورط جهات مخابراتية وراء الحادث الا ان نوعية الركاب على متن الطائرة والذين لقوا حتفهم في سقوطها تشير الى ما نود الاشارة اليه فهم كانوا خبراء اوكرانيين يعملون على تجريب طائرات ايرانية الصنع وجميعهم خبراء طيران، اذا الحرب ليست فقط تلك المعلنة ضد العراق او افغانستان او الشعب الفلسطيني وانما ثمة حرب موازية ربما كانت اوسع نطاقا واكثر تكلفة بل واسرع في انجاز المهمة دون خسائر تذكر في الطرف المهاجم، فايران او اوكرانيا لم تعلن حتى الآن ان وراء سقوط الطائرة شبهة جنائية او ارهابية وحتى لو اعلنتا فلن يكترث باعلانهما احد. ان قتل 46 شخصا من الخبراء الروس والاوكرانيين وتصنيف الحادث على انه مجرد (خطأ بشري) جريمة تضاف الى جملة الجرائم ضد الانسانية التي ترتكبها قوى معينة بدم بارد وبإصرار من اجل عزل الدول الاسلامية والعربية على وجه الخصوص عن ركب الحضارة والمدنية الحديثة.
فهؤلاء الخبراء هم في الاصل اصحاب اسر وآباء لاطفال وازواج لزوجات وابناء لآباء وامهات سيحترق قلبهم اسى على فراق ذويهم، ولو ان الذين يلجأون الى مثل هذه الجرائم يفكرون لحظة بأسلوب انساني او قريب من الانسانية لعلموا ان ثمة وسائل كثيرة يمكن توجيه الحرب غير المعلنة ضد الصناعات التي يراد عرقلتها دون التعرض لارواح البشر، وقد تابعنا من قبل محاولات لوقف برامج تطوير الطائرات وسيارات محلية الصنع في اندونيسيا بوسائل قضائية بلغت اهدافها في عرقلة مسيرة الصناعة الاندونيسية التي كانت مصنفة ضمن النمور الصاعدة في عالم الصناعة بجنوب شرق آسيا، لكنها تحولت بفعل المكائد والمؤامرات الى دولة شبه مفككة تلاحقها محاولات الانفصال من كل جانب.
ان ثمن النهوض الاقتصادي والصناعي هو ثمن باهظ بكل تأكيد لكنه صار باهظا على نحو اكبر الآن بعد استعار هذه الحرب غير الظاهرة من اجل عرقلة النهضة الحضارية للعرب والمسلمين بذرائع الارهاب وغيره.
لكن اذا كان لنا ان نلوم احدا في هذا الشأن فنحن نلوم الجهات القائمة على التطوير والتصنيع في تلك البلاد المستهدفة، اذ يجب ان تدرك جيدا حساسية الدور الذي ينبغي ان تلعبه لحماية صناعاتها الوطنية وحماية الخبراء العاملين لنهضة هذه الصناعات فكل العلماء والخبراء الذين يعملون من اجل نهضة الدول العربية والاسلامية هم مستهدفون بكل اشكال المؤامرات التي تهدد حياتهم، لذلك لا يكفي ان تعلن جهة ان حادثا مثل حادث سقوط الطائرة الاوكرانية هو مجرد خطأ بشري يعود لملاحيها مثلا، واذا كان لابد ان نتهم الخطأ البشري فلنتهم البشر الذين يشرعون في تعزيز صناعتهم ولا يهتمون بحماية ارواح خبرائها. فالتقصير في هذا الجانب هو برأيي الخطأ البشري الاعظم.
الوطن العمانية