مر على احداث 11 من سبتمبر اكثر من عام وما زال الجميع يتذكر جيدا ما تمخضت عنه من احداث لاحقة سواء ما تكبدته الولايات المتحدة من حوادث في ذلك اليوم او ما تكبدته اجزاء من العالم كردة فعل لهذه الاحداث (الحرب على افغانستان والاجراءات المتعلقة بالسفر والجوازات والجمارك والتحويلات البنكية والاجراءات الاحترازية في كثير من الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة).
ولعلها فرصة سانحة للتساؤل بعد مرور اكثر من سنة عن كيفية تعامل اعلامنا العربي مع هذه الاحداث منذ حدوثها حتى هذه اللحظة.
إن المتتبع لنشاط الاعلام العربي وردة فعله يلاحظ ما يلي:
أولا: لم تتمكن اغلب الجهود الاعلامية العربية من الخروج من دائرة الاعلام العربي الداخلي اي ان كل الجهود او اغلبها كانت موجهة للداخل ولم تفلح هذه الجهود في التأثير عبر وسائل الاعلام الاجنبية او عبر الجهود المباشرة في الحد من الحملة الاعلامية المنظمة والجائرة في اعتقادي على كل ماله علاقة بالاسلام وربما بالعرب. وباعتقادي ان هذا الفشل من قبل وسائل الاعلام العربية والجهاز الاعلامي العربي هو امتداد لخمول طويل جاء نتيجة للطبيعة البيروقراطية لأجهزة الاعلام العربية التي عودتنا على التعامل مع الاحداث بعد ان نكون قد نسيناها وعفى عليها الزمن.
ثانيا: فقدان التخطيط الاستراتيجي المنظم لحملاتنا الاعلامية العربية، فقد كانت كل الجهود التي بذلت للتعامل مع احداث سبتمبر هي في الواقع جهود يعوزها التنظيم وكانت في اغلبها ردود فعل سريعة يشوبها الكثير من العواطف وبالتالي فقد أتت مخيبة للآمال وربما اتت بآثار عكسية ومثال على ذلك بعض الاعلانات التي يتم شراؤها في بعض الصحف الامريكية والوسائل الاعلامية الاخرى لمحاولة ايصال بعض الرسائل الموجهة للشعب الامريكي ولربما كانت هذه الرسائل وجيهة ونحتاج فعلا الى ايصالها للشعوب الاخرى ولكن يجب ان يكون ذلك بآليات مدروسة مخطط لها وبجهود لها صفة الديمومة والاستمرار وعبر آليات غير مباشرة.
ثالثا: كما لاحظنا ان الولايات المتحدة قد تعاملت مع هذه الاحداث لتحقيق مكاسب تفوق ردة الفعل او الانتقام ممن تعتقد انهم وراء هذه الاحداث ولكن للاسف لم نفكر نحن في العالم الاسلامي والعربي حتى اعلاميا كيف نتعامل مع هذه الظروف ونستغلها لصالح امتنا وذلك باستخلاص العبر والدروس وربما بتحقيق مكاسب سياسية عربية واسلامية وليس العكس فبعد احداث 11 سبتمبر باعتقادي انه يجب ايجاد صيغة للتحرك الاعلامي والثقافي لتحقيق التواصل بيننا والآخر بلغة مشتركة وهناك قنوات كثيرة لإيصال ثقافتنا ووجهات نظرنا فنحن في العالم العربي للاسف تنقصنا ترجمة فكرنا وانتاجنا وثقافتنا الى اللغة التي يفهمها الآخر فنحن نترجم انتاجهم الفكري ولكن لا نتواصل معهم بفكرنا اي ان هناك رسالة من طرف واحد.
رابعا: اوضحت احداث 11 سبتمبر في اعتقادي مدى هشاشة اعلامنا العربي فقد كان يعتمد غالبا في وسائله المقروءة والمسموعة والمرئية على المصادر الامريكية والغربية ليس فقط اخباريا بل حتى في مصادر البرامج الاخرى ذات الصبغة التحليلية حتى اننا أصبحنا نستخدم العبارات التي اراد الاعلام الغربي تكريسها كالارهاب والارهابيين الاسلاميين والاصوليين والحرب ضد الارهاب وغيرها.
اخيرا... ما زال السؤال الاهم قائما وهو: اذا كان الاعلام الغربي قد نجح في التعامل مع احداث 11 سبتمبر من منطلق المصلحة الوطنية الامريكية ونجح في تهيئة الرأي العام العالمي لكل التدابير التي اتخذتها الولايات المتحدة لاحقا فهل تعامل الاعلام العربي مع هذه الاحداث لمصلحة دوله وحكوماته وشعوبه، ام اننا نطلب من الاعلام العربي ان يلعب دورا لا يستطيعه كما تقول الحكمة (فاقد الشيء لا يعطيه).