لم يكن عبدالله بن عبدالرحمن الحماد يدرك حينما دفع به والده الى احد علماء الاحساء ليتعلم على يديه مبادىء القراءة والكتابة والنحو والصرف انه سيرتبط بالتعليم طوال حياته وأنه سيلامس عن قرب ـ طالبا ثم مدرسا ثم مديرا ثم صاحب مشروع تعليمي كبير ـ دور التعليم المهم في دفع حركة التطور الى غاياتها المثلى, وفي اعداد الأجيال لأداء الدور المنوط بها في السباق الحضاري, الذي تخوضه بلادنا على مختلف المسارات.
لم يتردد عبدالله الحماد حينما أنهى مهمته مع التعليم الحكومي بالتقاعد المبكرو ان يدخل الى عالم الأعمال من ميدان التعليم،وان يفضل هذا الحقل الحيوي عن حقول كثيرة قد تكون أكثر ربحا وأقل مجهودا.
واستطاع عبدالله الحماد ـ بعد بدايات صعبة وجهود كبيرة ان يحقق حلم عمره بانشاء مشروع تعليمي كبير يضم ما يزيد على 20 مدرسة ومعهدا يدرس فيها آلاف الطلاب والطالبات, ويساند من خلاله الجهود الحكومية في حقل التعليم, الذي وضعته الدولة في مقدمة اهتماماتها وطليعة ثوابتها.
ولد عبدالله الحماد في المبرز بالاحساء وألحقه والده ـ وهو من تجار التمور والمواد الغذائية البارزين ـ للتعلم عند الشيخ علي الخطيب, ثم أنهى دراسته الابتدائية والمتوسطة والثانوية ودرس بمعهد المعلمين دورات تنظمها وزارة المعارف والتي أهلته للعمل مدرسا في المدرسة الأولى بالمبرز ثم مديرا للمدرسة الرابعة بالمبرز فمديرا لمدرسة الحزم الثانية ثم ينتقل الى الدمام ويعمل مديرا لمدرسة أبي عبيدة بن الجراح المتوسطة بالدمام, قبل ان يتقاعد مبكرا.
بعد استقالته من العمل الحكومي, تعمق حلم عبدالله الحماد في انشاء مدرسة أهلية يضع فيها خبراته وتجاربه التي اكتسبها على مدار السنوات الطويلة التي عمل فيها في مجال التعليم الحكومي ويساند الجهود الحكومية في مجال التعليم وقد كانت المدارس الحكومية ـ في ذلك الوقت البعيد ـ لا تستوعب الأعداد الكبيرة من الطلبة. تقدم عبدالله الحماد بطلب الى معالي وزير المعارف في ذلك الوقت الشيخ حسن آل الشيخ ـ رحمه الله ـ وتمت الموافقة على الطلب بعد دراسته وحصل على ترخيص بافتتاح معهد النهضة الثقافي بالدمام وكان عدد الطلاب والمدرسين قليلا وتولى بنفسه تدريس بعض المواد مثل اللغة العربية, وبعد عام واحد زاد عدد الطلاب وعجز المعهد الصغير عن الوفاء باحتياجاتهم, فتم بناء معهد كبير يستوعب أكبر عدد من الطلاب ويضم مختلف المراحل الدراسية. ثم افتتح مدرسة للبنات في حي العدامة مما كان له أكبر الأثر في افتتاح مدارس أخرى في الخبر والظهران, واستطاع عبدالله الحماد تجاوز البدايات الصعبة التي تصادف المشروعات الاستثمارية خصوصا في مجال التعليم. وباع منزلا ورثه عن أبيه لينفق على المدارس وافتتح مدرسة النهضة الابتدائية فالمتوسطة والثانوية, ثم اقام مجمع النهضة التعليمي الذي يشمل المراحل الثلاث ثم أقام مدرسة متوسطة في حي الجامعيين ثم افتتح المجمع التعليمي في الخبر. ويحرص عبدالله الحماد على ان يتذكر دائما البدايات الصعبة التي فشلت في ان تصرفه عن حلم حياته فقد بدأ استثماره بمبلغ متواضع لا يزيد على خمسين ألف ريال, وبعض قروض من بعض اخوانه, وأربعة طلاب, وعدد قليل جدا من المدرسين, ثم نما مشروعه واتسع ليضم أكثر من عشرين مدرسة ومعهدا وطموحات لا تنتهي وتفكيرا لا يهدأ عن تطوير هذا المشروع الذي وهبه حياته ولم يستثمر أبدا خارجه, إلا في المجال الفندقي, فأنشأ فندق الحماد في الخبر, وكان الهدف هو توفير موارد مالية للانفاق على المدارس.
وينظر عبدالله الحماد الى المعلم باعتباره العنصر الأهم من عناصر العملية التعليمية ويحرص على اختيار المعلم الكفء والمؤهل تأهيلا علميا رفيعا والذي يمثل للطلاب قدوة ونموذجا في العلم والسلوك. ويحرص على ان يكون عدد الطلاب في الفصل قليلا, حتى تصل المعلومة الى الطالب بسهولة ويسر وحتى تكون هناك علاقات مميزة بين المعلمين والطلاب.. ويهتم بالنشاط الطلابي فالحياة المدرسية ليست فصولا ومختبرات واختبارات فقط, ولكنها حياة متكاملة هدفها صياغة شخصيات متوازنة وقادرة على العطاء.. كما ان النشاط الطلابي هو الطريق الوحيد لاكتشاف مواهب الطلاب وقدراتهم وتنمية القدرة الإبداعية عند المبدعين منهم. ويستقطب عبدالله الحماد عددا من الكفاءات التعليمية من رجال التعليم المتقاعدين بهدف الاستفادة من خبراتهم وتجاربهم ومشوارهم الطويل في اعداد الأجيال والعناية بها منذ ان تخطوا الخطوة الأولى في طريق التعليم وحتى تصل الى أبواب الجامعة. ويرى ان نجاحه في مجال التعليم أعطاه قوة دافعة للاستمرار في هذا المجال الذي اختاره عن حب واقتناع وفضله عن مجالات أخرى كثيرة قد تكون أكثر ربحا ولكنها لا تناسب ميوله واستعداداته وحبه للتعليم الذي يعتبره رسالة ومهنة تساهم في رفعة شأن الوطن ودعم تجربته التنموية التي حازت تقدير العالم وحظيت باحترامه ويعتز كثيرا بأن الجهود التي بذلها في مجال التعليم أثمرت نجاحات كثيرة, وصادفت استحسانا وتقديرا من المسؤولين ورجال التعليم وأولياء الأمور ولا ينسى حين دعاه معالي وزير المعارف د. محمد الرشيد مع مجموعة من أصحاب المدارس الى الطائف وحصلت مدارسه على درع التميز في المنطقة الشرقية.
ويؤيد عبدالله الحماد سياسة الباب المفتوح حتى يتابع ـ عن كثب ـ سير الحركة التعليمية ويجيب على استفسارات أسرة المدارس وتساؤلاتهم ويحرص على ان تواكب المدارس احدث التقنيات في مجال المعلومات ويرى هذه التقنية هي لغة العصر وأبجديته الجديدة.