بعد ان عانت اليابان خلال العام 2002 من شللا في النمو الاقتصادي وهبوط في اسعار البورصة الى ادنى مستويات لها منذ 19 عاما، من المتوقع ان يسجل هذا البلد نموا محدودا عام 2003، على امل ان يبدأ بالخروج من ركود اقتصادي مستمر منذ 12 عاما.
وتقدر التوقعات الاخيرة للحكومة اليابانية الا يسجل اجمالي الناتج الداخلي اي نمو خلال العام الجاري، في حين يتوقع خبراء الاقتصاد تراجعا طفيفا في النشاط الاقتصادي.
ويرى المحللون ان ابرز احداث 2002 الذي سينعكس تأثيره على العام المقبل ايضا، يبقى تعيين هايزو تاكيناكا في 30 سبتمبر على رأس الشؤون المالية لليابان، اضافة الى مهامه كوزير للسياسة الاقتصادية والموازنة.
فقد وضع تاكيناكا خطة يطلق عليها في طوكيو اسم "صدمة تاكيناكا" تستهدف خفض اجمالي القروض المشبوهة الى النصف، في حين يعتبرها الكثيرون بمثابة عقبة مهمة في وجه الانتعاش الاقتصادي. وقدر حجم هذه القروض رسميا بحوالي 43200 مليار ين (360 مليار يورو) في نهاية مارس.
وعلقت نوريكو هاما الاستاذة في مدرسة ادارة الاعمال في جامعة دوشيشا بطوكيو: اعتقد ان هذه السنة كانت مثيرة للاهتمام الى حد بعيد، لان كل مشكلات اليابان بدأت تظهر خلالها. واضافت ان صدمة تاكيناكا نموذج عن وضع اضطرت الحكومة فيه الى مواجهة الواقع.
واثار الوزير منذ تعيينه مخاوف من ان تدفع مشاريعه العديد من الشركات المدينة الى الافلاس، ما سيهدد باغراق اليابان في الانهيار الاقتصادي الذي حاولت جاهدة تجنبه طوال 12 عاما بالرغم من الصدمة الناتجة عن انهيار عمليات المضاربة في البورصة في مطلع التسعينات.
وبعد ان شهدت انهيارا في سبتمبر، عادت بورصة طوكيو وهبطت في 3 من اكتوبر الى حوالى 8 نقاط وهو ادنى مستوى لها منذ 19 عاما. وتلى ذلك انهيار جديد في نوفمبر.
وعرض تاكيناكا في نهاية الامر خطة اقل طموحا من تلك التي كان يتحدث عنها مما اثار خيبة امل لدى بعض المحللين.
وقالت المحللة نوريكو هاما: ان هذه الخطة بعثت فى البداية الكثير من الامل في القطاع الخاص ، لكن ما نراه حاليا هو مقاربة استبدادية وتوجيهية. واعتبر انه كان يجدر بتاكيناكا التمسك بمواقفه، وهو الذي كان يؤكد انه ليس هناك اي شركة اكبر من ان تسقط.
غير ان جان باسكال رولانديز المسؤول عن قسم التحليلات المالية للاسهم اليابانية في مصرف بي.ان.بي. باريبا يرى على العكس ان هذا المشروع عملي وواقعي، مؤكدا انه يسرع الامور بدون تهور.
ومن الاحداث الملفتة الاخرى، قيام مصرف اليابان ببادرة غير اعتيادية اثارت دهشة كبرى، اذ اعلن في سبتمبر عزمه على شراء قسم من اسهم المصارف لحمايتها من تقلبات السوق ومتغيراتها.
وتنتهي ولاية حاكم مصرف اليابان ماسارو هايامي البالغ من العمر 77 عاما في مارس المقبل، مما يثير منذ الآن تكهنات حول خلفه المحتمل ومدى استعداده للتجاوب مع دعوات الحكومة من اجل تحقيق تضخم. وقد استمرت الاسعار في التدهور في اكتوبر للشهر الثامن والثلاثين على التوالي، مقوضة الاقتصاد الياباني.
وتتفق هاما مع رولانديز على ان مثل هذه السياسة التى تدعو اليها الحكومة لن تسفر عن نتيجة. ويرى رولانديز ان رفع ضريبة القيمة المضافة تدريجيا سيكون اكثر فاعلية وسيساهم على الاقل في خفض العجز في الموازنة الذي يفوق 8% من اجمالي الناتج الداخلي منذ ثلاث سنوات.
وهو يعتبر ان هذا العجز يمثل الى جانب الدين العام البالغ 140% من اجمالي الناتج الداخلي، المشكلة الحقيقية التي تواجهها اليابان.
ودرجة المديونية هذه هي التي حملت وكالات التقييم المالي الكبرى على تصنيف اليابان بمستوى متدن يوازي مستوى اليونان، بعد بوتسوانا.
ومن المتوقع بحسب رولانديز ان يبلغ تراجع اجمالي الناتج الداخلي معدل0.4 % خلال العام 2002، على ان يرتفع 0.2 % عام 2003.
وقدر ماساكي كانو من شركة جي.بي. مورغان ان يسجل اجمالي الناتج الداخلي تراجعا بمعدل 0.2 % هذا العام وتقدما بمعدل 0.8 % العام المقبل تحت تأثير انتعاش الصادرات بسبب النمو الاقتصادي الامريكي.
اخيرا، تنظم في سبتمبر 2003 الانتخابات الداخلية في الحزب الليبرالي الديموقراطي، الحزب الحاكم بزعامة رئيس الوزراء جونيشيرو كويزومي. ويتولى الفائز في هذه الانتخابات بحسب التقليد المتبع رئاسة الوزراء في اليابان.