غريب جدا هذا الوضع الاقتصادي الذي نعيشه هذه الايام تكاد الامور تختفي معالمها في قطاع هو الاكثر وضوحا عبر التاريخ, فلا نسبية فيه ولا وجهات نظر اهم من النتائج.
الاسبوع الماضي اعلنت وزارة الداخلية نهاية مشوار توظيف الاموال في المنطقة الشرقية ووجهت مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) بتجميد 25 حسابا مصرفيا في البنوك السعودية تعود للشركات التي تمارس توظيف الاموال في الشرقية, واتبعت ذلك بالزام مسؤولي تلك الشركات بالتوقيع على تعهدات خطية تمنعهم من استقبال اموال المواطنين واستثمارها, وقد اثارت تلك الخطوات التصحيحية خوف الآلاف من المستثمرين على اموالهم التي جمعها البعض واقترضها البعض الآخر مقابل بيع بيته او سيارته او ارضه, وهو خوف له مايبرره فقد اختلط الحابل بالنابل, فلم يسمع عندما كان ذلك يفيد تحذيرات رسمية تدعو للتعقل وعدم الانجراف خلف احلام قد لاتتحقق, كما ان مشكلته الحالية والتي لايعرف موعدا لنهايتها اختلطت بتأثير استثماراته غير المرخصة على الاكتتاب في اسهم الاتصالات! وحقيقة وليس دفاعا عن شركات التوظيف فلا ارى علاقة بين الاكتتاب المذل في اسهم الاتصالات وشركات التوظيف فما حدث خلال فترة العيد للهواتف الجوالة يكفي للدلالة على ضعف الاقبال على اسهم هذه الشركة التي تقول مالاتفعل دائما واعني بذلك وعودها بالتميز الخدمي.
ومن جهتها احتفلت البنوك ووزعت المرطبات على موظفيها وعملائها بعد قرار وزارة الداخلية بايقاف شركات التوظيف, وقد تكون فرحتها مبررة الا انني لم اسمع ان احدها قد تقدم واقترح حلا للمشكلة وهو يعمل في القطاع الاكثر قدرة على ذلك, الجميع يأمل ان تعود اليه الودائع بنسبة اثنين في المائة او اقل وذلك لن يحدث على الرغم من الضربة المزدوجة التي حققتها من غير رام فبالاضافة لشركات التوظيف فقد تبع ذلك اهتزاز في السوق العقارية واصبح البعض يتخوف من الاستثمار فيها فزادت آمال البنوك واحلامها بعودة سريعة للاموال التي ارادت ان تجرب مردودا مجزيا!
بالفعل فان ما يحدث الآن امر غريب جدا, فالمشكلة التي يبحث لها عن حل اصبح المتضررون منها في مرتبة متدنية في الوسط الاقتصادي الذي يفكر في كيفية تغطية اسهم الاتصالات اوعودة الاموال للبنوك وكذلك عودة الثقة في سوق العقار اما الخمسون الف مستثمر فما عليهم سوى الانتظار.. الانتظار فقط..