هل الشعراء أنانيون، أم أنهم كبقية خلق الله، منهم من هو أناني، ومنهم من يؤثر على نفسه ولو كانت به خصاصة، ومنه من هو بين بين؟
هذا السؤال يرد على ذهني كلما قرأت قصيدة لأحد الشعراء يريد بها مدح أحد الاعلام، فإذا به ينصرف الى مدح نفسه بأبيات تستغرق جزءا كبيرا من القصيدة، معلنا قدرته على قول الشعر، بعد أن أصبحت القوافي طوعا بين يديه، تسعى إليه كما يسعى الظمآن للماء. ودانت له اللغة، فأصبح يطوعها كما الفارس المتمرس الجواد الجامح، وتتوالى الاستعارات والتوريات والمحسنات البلاغية لا لتثبت جدارة المراد مدحه بهذا المديح، بل لتثبت قدرة الشاعر على قول الشعر، فهو فريد عصره، ووحيد زمانه، وكأن الدنيا تنجب شاعرا في مستواه، والأمثلة كثيرة في شعرنا العربي القديم، بل والحديث أيضا، وهو اكثر ما يكون لدى شعراء القصيدة العمودية. وهذا استنتاج انطباعي لا يعتمد على دراسة موثقة. وهذا النوع من المديح للذات أنانية واضحة المعالم، وإلا ما معنى ان يتصدى احد الشعراء لمديح احدى الشخصيات العامة، فإذا بنصف القصيدة تقريبا ترشح بالأنانية المتمثلة في مدح النفس وابراز قدرة الشاعر ـ نفسه ـ على قول الشعر، مع أن أحدا لم يشكك في موهبته الشعرية، فهل أراد بهذا أن يقنع نفسه بأنه شاعر، أم أراد اقناع الآخرين، وهم الذين لا يشكون في شاعريته، رغم رفضهم أسلوبه هذا.
وإذا كان الشعر يعتمد على البوح النفسي، فهل على القراء أن يتحملوا أنانية بعض الشعراء؟