شعرت بغصة عميقة عندما سمعت نبأ وفاة الشيخ حمد المبارك, وكدت لا اصدق النبأ للوهلة الأولى, ولكنني سلمت بقضاء الله وقدره, ولعل شهادتي في الشيخ حمد ايا كان نوعها مجروحة, فقد زاملته فترة طويلة من الزمن, وعرفت عنه من الخصال الحميدة ما اعجز عن ذكره في هذه العجالة, ولعل من ملامح شخصيته - رحمه الله - ملمح الصراحة والوضوح والمكاشفة, وذلك ملمح يشعر به الانسان وهو يحادثه سـواء في مجالسه او بالهاتف او مكاتبة, فقد كان يكره - رحمه الله - التدليس والمكر والكذب والخداع, وعندما يحس ان احدا يمارس شيئا منها يسقط من عينه ومن ذاكرته على الفور, فقد كان حريصا على ممارسة الصدق في اقواله وافعاله, وكان يشعر كل جلسائه بأنه واحد منهم, ومن اقرب المقربين اليهم, وتلك ميزة عرفها الناس عنه, واشتهر بها رحمه الله.
لقد كان حمد المبارك يتحلى بميزات عديدة من اشهرها معرفته بالأنساب وتاريخ الشعوب, ويتمتع بثقافة بعيدة يلمسها الانسان من خلال احاديثه في مجالسه, وهو على استعداد دائم للاجابة عن اي سؤال يوجه اليه بثقة كاملة وقدرة فائقة, فقد كان - رحمه الله - مدرسة في حد ذاتها يتعلم منها الانسان اشياء عديدة تفيده في حياته, واعترف بأنني تعلمت منه الكثير, واستفدت مما تعلمته في حياتي العملية.. وارتباطي بالناس.
رحم الله الشيخ حمد المبارك, فسوف يفتقده الكثيرون من معارفه واقاربه واقرانه, وسوف يفتقده حتى اولئك الذين لم يعرفوه شخصيا وانما سمعوا عنه.. وهو فقد يدل على مكانة هذه الشخصية في محيط مجتمعه في المنطقة الشرقية وسائر مناطق المملكة, بل في الكثير من الأقطار العربية, فمعارفه كثر, وهم متوزعون في بلدان عديدة.
ذكرياتي مع الشيخ حمد كثيرة, وقد رافقته في كثير من الرحلات, فقد كان وفيا لأصدقائه ومعارفه, ودؤوبا على السؤال عنهم كلما افتقدهم.
لا أملك في الختام الا الترحم على الرجل (إنا لله وإنا اليه راجعون).
