في الأسبوع الماضي قامت الإدارة العامة لمكافحة الغش التجاري في الرياض بضبط أحد مصانع الدهانات الصغيرة التي تدار بأيدي عمالة أجنبية،وتقوم بإنتاج أو على وجه الدقة " تصنيع" دهانات مقلدة غير مطابقة للمواصفات والمقاييس السعودية. واللافت في الخبر الذي جاء في عدد من الصحف المحلية التي نشرته في أماكن ومساحات بارزة من صفحاتها، أنه تم تغريم هذا المصنع مبلغ 70 ألف ريال، وأغلق نهائياَ، بعد أن تم ضبط ألفي برميل (2000 برميل) داخل المصنع الذي قررت الإدارة العامة لمكافحة الغش التجاري إلزامه بسحب جميع إنتاجه، أي جميع المواد التي قام بتصنيعها من السوق. وتأتي أهمية هذا الخبر ودلالته، من نقطتين بالغتي الأهمية، أولاهما: تتمثل في أن قطاع الدهانات يشهد أشكالاً مختلفة وعديدة من الغش التجاري الذي أصبح في هذا المجال يسبب الكثير من الحيرة والاضطراب والفوضى للعديد من المستهلكين الذين باتوا لا يعرفون كيف يفرقون او يميزون بين المنتج الأصلي والمواد التي تم تصنيعها عن طريق التقليد، خصوصاً مع انتشار الدهانات المقلدة على نحو واسع وكبير، ومن خلال منافذ بيع المنتجات الأصلية وفي داخل سوق الدهانات نفسها. النقطة الثانية: التي تعكس أهمية هذه العملية تتمثل في أن هذا المصنع المخالف الذي تم ضبطه- والأفضل أن نقول أنه وكر لعصابة من المزورين- هو مصنع أو وكر له تاريخ في الغش التجاري. الغريب أيضاً واللافت في الخبر أنه يقول أن هذا المصنع "صغير" على الرغم من أن الخبر نفسه يشير إلى أن الكميات التي تم ضبطها من المنتجات أو المواد "المزيفة" والمقلدة تقدر بألفي برميل..فنحن نتحدث عن ( مصانع مزورة) اي تقوم بالتزوير والغش، وليست مصانع حقيقية مرخصة وفي رأيي أن هذا المصنع ليس صغيراً- كما يقول الخبر- ومن ثم فإن إلزام أصحابه بدفع غرامة مالية (70 ألف ريال) ليست عقوبة كافية، وهذه الغرامة ليست رادعاً كافياً لكل من تسول له نفسه بالقيام بمثل هذه العمليات من الغش التجاري التي تؤثر تأثيراً بالغاً على السوق بشكل عام، وسوق الدهانات بشكل خاص، حيث تفقد المستهلكين الثقة في المنتجات الأصلية. ومن هنا، فإن جزاء من يؤدي إلى وجود هذا الاضطراب في المعاملات التجارية الخاصة بإحدى السلع، يجب أن يكون الأشد من نوعه، كما يجب أن تكون العقوبة قاسية وبحيث تصل إلى الحد الأقصى من العقوبات المقررة في نظام ولائحة مكافحة الغش التجاري، والتي تصل إلى خمسمائة ألف ريال، والسجن أيضاً، نظراً لما يترتب عليه هذا الغش من " إفساد" للحياة التجارية وإشاعة الشك وعدم الثقة بين الناس. أن هيئة المواصفات والمقاييس تجري حوالي 16 نوعاً من الاختبارات على كل نوع من الدهانات، وفي حالة عدم اجتياز الدهانات لأي اختبار من هذه الاختبارات يعتبر مخالفاً للمواصفات القياسية السعودية. ومن الضمانات المهمة في سد الطريق أمام محاولات الغش في الدهانات، ما تقوم به وزارة التجارة من إلزام كل مصنع بضرورة وجود مختبر لتحليل الدهان داخل المصنع يشرف عليه كيميائي متخصص. ومن هنا، تنتفي الأعذار أو الحجج أو المبررات التي يمكن أن يتعلل بها هؤلاء الغشاشون عديمو الضمائر، حيث يعني عدم وجود هذا المختبر، وعدم وجود الكيميائي المتخصص، توافر فيه الغش الأمر الذي يتطلب عدم التهاون في تطبيق أقسى العقوبات على المخالفين.