المؤسسات والمعاهد التعليمية الاهلية المعنية بتعليم الكمبيوتر والانترنت الى اين تتجه... وماذا عنها كمؤسسات متخصصة في تصدير المعلومات البرمجية وصناعتها.. وهل ظلت على موقفها المتخلف في منح الشهادة مع مرتبة الفشل.. ام ان تغليبها للجانب التجاري جعلها تتجاهل مع سبق الاصرار مقاصدها التأهيلية والتعليمية.. وهل حاولت مع ما يرتد اليهامن صدى وجهات النظر السلبية ان تعيد صياغة صورتها المشوهة بما يكفل الوثوق بها مجددا.. اما ن عمرها القصير لم يمنحها الرؤية الراشدة لفهم ابعاد رسالتها التعليمية تجاه الفرد والمجتمع؟
اسئلة كثيرة وتبدو مثيرة اذا ما وضعنا في الاعتبار ان هذه المؤسسات ذات المباني الفخمة والمقاعد المخملية مسئولة كدأب المؤسسات الوطنية المعنية بتدريب وتأهيل الشباب وصقل مواهبهم وتطويرها بما يضمن لهم المستقبل المشرق الذي يساعدهم في فهم هذه الآلة وتحقيق طموحاتهم والوصول الى ارقى المستويات العلمية والفنية التي تمكنهم من تقديم الافضل دائما في خدمة مجتمعهم ووطنهم.
فبالرغم من النتيجة المتواضعة التي يحصل عليها الشاب الملتحق بهذه المؤسسات والمعاهد التعليمية والتي لاتتعدى كونها معرفة سطحية لم تصل حد المستوى المأمول منها كمعاهد معنية بتدريب الشباب وتأهيلهم للوصول الى قراءة واضحة لتبعات المستقبل الرقمي وصناعة المعلومات الا ان هذه المؤسسات لم تزل سائرة على نهجها العقيم دون تحرك يذكر ينذر بوجود نوايا تسهم في اعادة صياغتها بما يواكب متطلبات العصر الجديد.
وتشير التقارير الى ان الغالب من هذه المؤسسات في الدول العربية قاطبة برغم التزايد الواضح في اعدادها وكذلك اعداد مستخدمي الكمبيوتر والانترنت فيها بنحو 25% سنويا فانها مازالت غير قادرة على تأهيل الشباب التأهيل الصحيح الذي يساعدهم على ملاحقة التطورات المعلوماتية والتقنية الحديثة والاسهام في صناعة المعلومات حيث ان ما يجري حاليا لا يعدو كونه عمليات تجميع لبعض البرامج الجاهزة المعدة مسبقا والتي لا تتطلب جهدا واضحا في تركيبها التسلسلي التنفيذي وهكذا فان الفجوة التكنولوجية بين الدول المتقدمة ونظيراتها العربية مازالت كبيرة تتفوق الاولى بنحو خمسة اجيال من تكنولوجيا المعلومات الرقمية مما يتطلب مضاعفة الجهود في ايجاد مؤسسات جادة وبحوث علمية ذات اهداف واضحة تساهم في ايجاد جيل جديد من الخبراء والمبرمجين قادر على المنافسة في صناعة المعلومات وتطويرها.
فالتجربة الهندية في هذا المجال كمثال على الدول النامية التي استطاعت ان تحقق انجازات جيدة جعلت البعض يطلقون عليها تسمية طريق الحرير الالكتروني حيث اصبحت الهند معبرا للملايين من خبراء المعلومات الرقمية والمبرمجين الهنود الذين استقطبتهم كبريات الشركات في الولايات المتحدة واستراليا وغيرهما.. وبهذه المناسبة فقد اشار تقرير للامم المتحدة ان هجرة الاسيويين الخبراء في تكنولوجيا المعلومات الى دول متقدمة تكلف القارة الآسيوية مليارات الدولارات سنويا رغم ان بعضهم قد يعود الى بلاده في نهاية المطاف. واوضح تقرير التنمية ان الهند مثلا تفقد مليار دولار سنويا من الموارد بسبب هجرة خبراء الكمبيوتر الى الولايات المتحدة وحدها كما اضاف التقرير ان من المتوقع هجرة مائة الف هندي سنويا علما بان متوسط الكلفة الاجمالية لتعليم كل فرد من هؤلاء في الهند يتراوح ما بين 15 و 20 الف دولار.
وبرغم الجهود المبذولة لتهيئة العالم العربي لمتطلبات العصر الرقمي او عصر المعلومات الجديد ورغم محاولات بعض الدول العربية كمصر والامارات العربية المتحدة وغيرهما لدخول نادي منتجي البرمجيات فان تلك الجهود مازالت على اهميتها دون المستوى المأمول للمنافسة مع دول اخرى كالهند وغيرها.
وعلينا فهم ان القدرات والمعارف التكنولوجية ليست محكمة الاحتكار بالقدر الذي نتخيله للوهلة الاولى وان عملية نقلها الينا ليست بالسر الذي لايمكن اختراقه.. وكل ما نحتاجه هو التخطيط السليم والرغبة الاكيدة والتنسيق والتعاون في تحديد ما نريد ورسم كيفية الحصول عليه واضعين نصب اعيننا ان اكتساب التكنولوجيا لايتحقق الا بالعلم والجهد والتضحية وتأسيس المؤسسات القادرة على العطاء.
ما ينقصنا قصور المعرفة
من جهته قال السيد سليمان راجح النعمان: ان المجتمع وحده لايستطيع ان يصوغ ما يطمح اليه من تقدم في كافة المجالات العلمية والتقنية.. ولا ان يصوغ صورة المستقبل.. الا اذا توفر له مناخ صحي عام داعم وواع بالعلم قيمة واداة ومنهجا مشيرا الى ان المؤسسات بصفة عامة هي المعنية بتوفير هذا المناخ والعمل على تطويره.
واضاف: ان الفجوة بيننا وبين العالم المتقدم في صناعة المعلومات لم تتعد الحدود المعرفية وان ما نعانيه من تراجع ملحوظ في هذه المجالات سببه عدم توفر المعرفة الجادة التي ننهل منها العلوم بشكلها الصحيح في حين ان القوانين الدولية تؤكد على حق الانسان في الحصول على المعلومات والاتصال بغيرة واعتبار حرية الاستعلام والتعبير وتلقي اذاعة المعلومات والافكار حق اساسي لكل انسان وتشمل جمع ونشر ونقل المعلومات في كل مكان دون اي موانع او عقبات تذكر.
واشار: الى ان الكثير من المعارف والمناهج العربية المتعلقة بمجالات الكمبيوتر والانترنت على وجه الخصوص بحاجة الى اعادة نظر سواء بالنسبة للكتب الموزعة على صعيد المكتبات او تلك التي تدخل ضمن المناهج الدراسية في المدارس والمعاهد العامة والخاصة.
وقال: ان الكثير من العلامات والشواهد البارزة تؤكد صدق ما نؤمن به من تراجع ملحوظ في الحضور العربي لميادين المعلومات الالكترونية وصناعتها وهو اقرب الى الصواب كغياب الشباب السعودي عن السوق الالكترونية المحلية وترك الحبل على الغارب للعمالة الاجنبية وضعف البرامج ورداءة المواقع العربية واتجاه الشباب الى المجالات الترفيهية عند استخداماتهم للانترنت.. جميعها مؤشرات تؤكد درجة النقض الذي نعانيه في هذا المجال وربما في المجالات الالكترونية الاخرى.