عزيزي رئيس التحرير
في مقال لي سابق عن جمعية البر بالمنطقة الشرقية اوردت جملة تقول: (اكتب هذا عن دراية لا رواية) وهذه اشارة الى ما هو مشاهد في أروقة منبر الجمعية فما شاهدته هناك مواطنين يراجعون الموظفين ويخرجون ويدخل غيرهم ويخرج وهذه الملاحظة البسيطة تعني شيئا محددا هو ان الجمعية تتلقى طلبات من مواطنين ينطبق على قسم منهم ما قاله امين عام الجمعية الدكتور عبدالله حسين القاضي من ان ما كان بالامس كماليا اصبح اليوم ضروريا ، والواقع فان ما ذكره الدكتور القاضي هو ما يعبر عن لب الحقيقة وهو قول صائب تماما، فما كان بالامس كماليا يعني ان حصل عليه الانسان فذاك وان لم يحصل عليه فلا ضير فقد يحصل عليه لاحقا عندما يتوافر السبب وهو هنا مادي منشأه قوة شرائية والانسان يهتم اولا بتوفير الضروريات كما نعلم بل كما يجب على كل منا. ان الجمعية يتجدد فيها النشاط الفعال وتعطي يوما بعد يوم الدليل على معايشة اوضاع شرائح اجتماعية من المواطنين في المنطقة الشرقية والاسر التي تتلقى المعونة من الجمعية كثيرة، ولعل الوقوف عند نقطة معينة هي ان النظر الى موارد الجمعية المتمثلة في الارقام التي تنشرها الجمعية على انها من مدخولاتها الوقوف عند هذه النقطة نجد البعض يتساءلون بالقول ان هذه مبالغ كبيرة وتبعث على التفاؤل والاطمئنان على احوال المحتاجين في المنطقة او هكذا يجب، وعند الاحتساب والمقارنات ووضع مداخيل الجمعية وماتنفقه فان اخذ فكرة ضخامة المداخيل توازيها ضخامة النفقات فما تحصل عليه الجمعية يذهب في بنود الانفاق وتقديم المساعدات التي تصب جميعها في صالح المواطنين الذين هم بحاجة الى مساعدة الجمعية الى هنا
وكلا منا انشائي لا يمس ارقاما حسابية فاذا كان هذا الكلام من نوع الخواطر فكل خاطرة اريد لها ان تعني شيئا وتشير الى ركيزة من ركائز العمل الخيري في بلادنا وهذا العمل الخيري تمثله بشكل بارز الجمعيات الخيرية وبالنسبة للجمعية الخيرية بالمنطقة الشرقية فهي بالفعل نالت درجة الريادة في هذا المجال ومما يحسن ذكره ما ورد في مقابلة تمت مع أمين عام الجمعية الدكتور عبدالله حسين القاضي مع جريدة (الرياض) حيث اشتملت المقابلة على وجهات نظر هي في الحقيقة ما ينبغي ان يبلور بعض ما ورد بها ويعقب عليه استكمالا للفائدة ولاشتماله على نقاط لافتة. ان الجمعية لم تقل يوما انها حققت جميع التوقعات بالرغم من انها حققت الكثير ان الناس يتوقعون حقيقة من الجمعية التي هي من كبرى الجمعيات الخيرية في المملكة فالتوقعات كثيرة ولا نقول مبالغ فيها الا انها على كل حال تطلعات تتضمن تمنيات طيبة للجمعية.
انه لا احد يقول ان الجمعية، وبكل منجزاتها قد حققت الاجماع في الرأي على كون ما نقدمه قد شمل كل احتياجات الفئات والشرائح التي تحتاج الى المساعدة وذلك لان التوقعات هنا قد تدهب بعيدا بمعنى قد يتطلب من الجمعية ان تنجز ما ليس في امكانها في زمن محدد فكل برنامج يرتبط بالوقت اذ لابد من المعدل الزمني للتنفيذ في كل ما يخطط ويبرمج وينفد وذلك لان الجمعيات الخيرية ما هي الا مؤسسات تعاونية تسيرها روح التعاطف الاخوي المستمد من تعاليم الدين الحنيف وتوجيهات المسؤولين وعلى رأسهم صاحب السمو الملكي الامير محمد بن فهد بن عبدالعزيز رئيس مجلس ادارة الجمعية.
المساعدات النقدية والعينية
ألمحنا قبلا الى ان هناك عامل الزمن والتوقيت لمنجزات الجمعية، من ذلك صرف الزكاوات وقد اكد ذلك الدكتور القاضي بقوله انها تصرف في وقتها المحدد لها دون تأخير.
ولعل الجانب الانساني هو ما ينبغي ذكره هو ما ورد في المقابلة التي اجرتها جريدة (الرياض) مع الدكتور القاضي اذ طرح موضوع المساعدات النقدية والعينية ففيما يتعلق بالاغذية فقد ذكر الدكتور القاضي ان توصيل اطعمة مثلا الى منزل أسرة محتاجة فيه حرج تعتمد الجمعية تجنبه فنقول ان في هذا حفاظا على مشاعر المستفيد واعفاءه من مواجهة الحرج ولقد اكد الدكتور القاضي على افضلية الكوبون لتحقيق هذه الغاية وهذا صحيح وصائب تماما، ويبدو ان الكوبون هنا بديل عن المخزن الخيري وعلى كل حال فهذه لفته انسانية متضمنة في توصيل المساعدة للمستفيد مع حفظ ماء الوجه. ولايضاح موضوع الزكاوات فقد تساءل مندوب جريدة الرياض عن تأخير صرف الزكاوات وجعلها رصيدا للجمعية وبالنص قال المندوب تردد ان الجمعية تعطل صرف جزء من الزكاوات التي تتلقاها من المحسنين بايداعها في البنوك كرصيد، فرد الدكتور امين عام الجمعية بالقول: ان هذا الكلام غير صحيح فالامور مكشوفة فمثلا: اذا كانت الجمعية تتلقى عشرة ملايين ريال زكاة فان مصاريفها تتعدى كل ما تتلقاه من زكاوات او صدقات او اشتراكات وسجلات الجمعية موجودة ومتاحة وكون ان لدي ارصدة فان لدينا استثمارات وكجمعية بهذا الحجم لابد ان يكون لدي رصيد فلدينا مصاريف شهرية للاسر قدرها مليونا ريال اي اربعة وعشرون مليونا كمصاريف سنوية للاسر فهل يعقل الا اخذ احتياطا على الاقل ستة اشهر والزكاة التي نتلقاها سنويا اقل بكثير مما نتلقاه وهذا يعني اننا لانعطل الزكاة في وقتها اطلاقا ثم اشار الى الاحتفال السنوي الذي تقيمه الجمعية بالقول: حتى الاحتفال الذي تقيمه الجمعية لاتغطى مصاريفه من الصدقات او الزكاة وانما يقام بتبرعات خاصة ورعاية لهذا الغرض /انتهى/..
ولو اشير الى تطور وازدياد مداخيل الجمعية فمن الطبيعي القول: ان ازدياد السكان في ارتفاع مطرد مقابل ذلك.
ان الجمعية في مواجهة ما تتلقاه من طلبات تحتاج الى تكاتف المحسنين وتوحيد الجهد، في هذا السياق وجد من المحسنين من اهل الخير من يوزعون مساعداتهم بأنفسهم خارج نطاق الجمعية فلو تساءلنا هل ان ذلك منهم ناتج عن حرص شديد على نفاد عملهم الخير هذا الجاء الجواب متمهلا ومتحفظا لانه متروك لمسؤولين لا لكاتب خواطر نحو الجمعية.
ولكن كلمة تقال حقيقة هنا فالمحسنون ورجال الاعمال اعطوا ثقتهم التامة للجمعية لسبب ما لمسوه من كفاءة في التأدية والاعمال الاجرائية التي هي ملموسة ومشهودة للجمعية. ان موقفا كهذا من اي من اصحاب الخير يمثله من يحرص على ان يغرس بنفسه غرسة في ارض خيرة وعلى كل حال فالعمل الخيري ليس محصورا في دائرة والمحسنون لديهم قناعاتهم وهم في كل الاحوال مدعوون للاسهام في مجهودات الجمعية ونفقاتها على المحتاجين وهم برهنوا على تفهم الدعوة والاستجابة لها وهذا مشهود لهم.
ان حضور جمعية البر بالمنطقة الشرقية في حقل المساعدات الخيرية مستمر وفاعل، بل هو نشاط يومي لا يبرح ذاكرة المجتمع وتطلعاته الى التكافل والتعاون، التكافل والتعاون الذي هو من صلب مهام الجمعية.
ما الفرق اذا بين ان اتولى بنفسي اعطاء الزكاة وبين ان تقوم الجمعية بذلك، انه يكمن في الدراسة وتقصي الحقيقة فالجمعية لديها باحثون اجتماعيون فالباحث الاجتماعي يتقصى الحقيقة حتى يصل اليها وهنا يكون الوثوق واليقين من ان من اخذ فهو مستحق فعلا لما اخذ.
ان صدق من يطلب المساعدة امر مطلوب بداهة وليس من ذنب على من يعطي محتاجا ابدا حاجة وهو في الواقع لايحتاجها فالذي يمد يده بالعطاء يكسب المثوبة صدق طالب الحاجة ام لم يصدق هكذا يتبادر الى الذهن.
على ان من المهم في كل الاحوال توافر الثقة وهي متوافرة متبادلة بين المحسنين والجمعية، خلاصة الامر ان الثقة التي تعطى للجمعية انما تعطى بسبب ما برهنت عليه الجمعية من مصداقية وكفاءة في الاداء والوضوح والادارة الكفؤة وكل ذلك عبر التجربة والبرهان والتيقن من الضبط المحاسبي والاداري، وعلى العموم فان لدى الجمعية آلية مدروسة سواء لجمع وتنظيم ما تتلقاه او ما تنفقه عبر آلية تؤدي الى تفادي السلبيات وهنا يتضح الفرق بين فوائد الجهاز الاداري والخبرة عبر الممارسة المكرسة للاداء المطلوب الفرق بين هذا وبين التصرف الفردي مثلا فرق واضح وفي نهاية المطاف فان الجميع على خير والنية لدى الجميع متجهة دائما لعمل الخير الذي باتت بلادنا تشتهر به ويعرفه القاصي والداني وعلى نطاق عالمي.
علي بن احمد الزاكي