(ستجىء الحمامة
وسألمح دورتها من هنا
سوف تبدو الخوافي من البعد
بيضاء
رمادية
تتواثب في خفقات الجناحين
اذ يهبطان
هنا
وانا
من مكاني الذي لا يرى
ربما كنت اهذي
ولكن
ستأتي الحمامة
فأنا الاعرف الآن بالارض والريح
حتى وان كنت اعمى هنا
غافلا
نافلا
لا يراني احد
منذ سبع سنين ولا شىء يدخل في مكمني
لا احد
غير ما نرسل الروح
او غير ما يتناثرني على كوة البرج
حبا
وماء)
سعدي يوسف 1991/10/26
يمكن لخيالك ان يهمز جناحيه، بعد قراءة هذه القصيدة، ليعرف ماهي الرسالة الضائعة التي عناها سعدي في هذه القصيدة. لا سيما انه قالها في ظرف من احلك الظروف التي مر بها العراق. ويمكن لخيالك ان يصطاد كثيرا من المعاني التي يحتمل ان الشاعر ارادها ولكن تبقى الحماقة المفتاح الاقرب لترجيح احتمال محدد.
ان الرسالة الضائعة هي (السلام) نعم السلام الذي ارسلته دماء الشهداء وسهاد المصلحين وكفاح الشعوب وكدح الحضارات. هذا السلام هو الرسالة الضائعة التي لم تصل الى الارض واهلها حتى الآن.
لماذا لا يكون:
(في الناس المحبة وعلى الارض السلام)؟
لماذا؟
هل مر عليك، على سمعك، سؤال غبي كهذا؟ هل تمنيت يوما، وانت في حديقة من التفاؤل، او في بركة (كأن سماء ركبت فيها) من النوايا الحسنة.. ان يهبط على الارض الامن والامان؟
اذن: انت مغفل من الوريد الى الوريد. كيف تتمنى مثل هذا او تظنه في زمن حل به الايمان بالقوة محل كل القيم، وراحت عصابات المال والسلطة تتحكم في الارض حسب غرائزها البدائية، ومخلفات الغابات في نوازعها الضارية؟
كيف تظن هذا او تتمناه في مجتمعات وضعت امامها صنما، وراحت تعبده بكل تضرع وخشوع وتشير لا بالكلمة، بل بالصواريخ وكل انياب التدمير؟
شاعر سابح بين صخور مرجانية او انها من اللؤلؤ.. هو انت اذا فرشت آمالك في ضوء القمر ورحت تحلم بالسلام وبالمحبة وبالكبسة للجميع او الخبز للجميع.
ولكن: لابد ان نحلم.
بل ستجىء الحمامة.