ذهبت الى اليابان في نوفمبر 1971, وكنت اعتقد ان هذه الزيارةقد تساعدني في نسيان أشياء كثيرة, ولكنها لم تمنحني في نهاية الأمر سوى الاحباط فقد كنت اتخيل اليابان بشكل ما, أكثر جمالا, ولكنني وجدتها آنذاك قبيحة, كنت أتخيل مصانع دقيقة التكوين موضوعة بعناية في مواجهة الجبال, او على ضفاف بحيرات, ولكني وجدت على العكس من تخيلاتي مساحة من الأرض ممتدة بلا شخصية ومصانع تفتقد الحد الأدنى لإثارة الاهتمام, قضيت هناك أسبوعين واعرف ان هذا الزمن غير كاف, وأعرف ايضا ان المشهد قد تغير بعد ذلك في الذاكرة فأنا أذكر الآن ما شدني وأنسى ما عداه, ولكن هذه الزيارة دفعتني بالفعل, للاهتمام بالفن الياباني, معابد كويوتو وحدائقها الشهيرة اثارتني وكان هذا أمرا متوقعا, ولكن هناك شيئا أثارني بشدة ولم أكن اتوقعه, عندما زرت متحف البلدية للفن, كان هناك معرض بعنوان, الفنانون اليابانيون والأسلوب التقليدي, كانت اللوحات في المعرض قد رسمت في الفترة من 1925 حتى الآن, وانجزت وفقا للأسلوب الياباني التقليدي باستخدام شبكات من الحرير (Silk Screen) ولكن بعضهم كان يتناول مشهد اليابان المعاصرة, لوحة بعينها لفتت انتباهي بشكل خاص انها (اوزاكا تحت الأمطار) لوحة جميلة الى أقصى حد, كانت خطوط المطر وقطرات الماء هي التي تحدد أشكال سحب الضباب فوق النهر والطريق, فقط خطوط من المطر, تعطيك الإشارة الواهنة لوجود الناس والعربات الصغيرة, من خلال انعكاسات خفيفة على الأرض المبتلة, كانت اللوحة مشهدا مبتلا حتى النخاع, وأظن ان دوفي Dufy هو الذي اقترب في فننا الأوروبي من مشاهد الناس والعربات في الطرق, وهو فنان لم اهتم كثيرا بما انتجه, ولكن في ذلك الفن الياباني كان هناك شيء سحري, لقد احببت فكرة هؤلاء الكهول, (ومعظمهم ولد قريبا من عام 1900) فقد نجحوا مع جهلهم بالفن الأوروبي في انتاج فن على أعلى درجات التركيب والحداثة معا. دافيد هوكني
