عزيزي رئيس التحرير
(اهمية الجدوى الاقتصادية لتقنية تحلية المياه المالحة)
هذا عنوان مقال كتبه م/ عبدالله بن عبدالعزيز آل الشيخ في احدى الصحف المحلية مؤخرا ذيله تحت مسمى وظيفي هو مدير عام ادارة تنفيذ المشروعات - المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة، مما يقد يفهمه القارئ انه يمثل وجهة نظر رسمية في غياب توضيح من المؤسسة.
الذي لفت نظري قوله : (ومما لاشك فيه ان تقنية تحلية المياه المالحة هي احد الطرق الحديثة للاستفادة من اكبر مصدر طبيعي للمياه اوجده الله سبحانه وتعالى لنا في هذا الكون الذي نعيش فيه، وتزداد اهمية هذا المصدر في بلد صحراوي كالمملكة العربية السعودية مما يجعله احد الخيارات الاستراتيجية المتاحة، بل ان البعض يرى انه الخيار الاستراتيجي الانسب لبلد كالمملكة العربية السعودية).
كما اردف يقول : (لكن هذا لا يعني التوجه الى تقنية تحلية مياه البحر بغض النظر عن التكلفة في حالة توافر بدائل ارخص وانسب).
وقال ايضا : (قد يكون هذا مناسبا في منطقة ساحلية قريبة من البحر حيث ان تكلفة النقل هنا تكون منخفضة مقارنة بتكلفة تحلية مياه البحر، لكن في منطقة مثل عسير يجب النظر الى التحلية كأحد الحلول البديلة في حالة استنفاد الحلول الاخرى).
في ختام المقال قال (وختاما يمكننا القول انه في حالة الرغبة في امداد منطقة ما بمياه البحر المحلاة فيجب عمل دراسة فنية شاملة وكذلك دراسة جدوى اقتصادية لكل منطقة تحتاج الى امدادات اضافية من المياه قبل اقرار استخدام تقنية تحلية مياه البحر مع الاخذ في الاعتبار بعد وقرب المنطقة المطلوب خدمتها من اقرب بحر وكذلك صعوبة تضاريس المنطقة).
أود ان يسمح لي الكاتب بهذه المداخلة :
1- في ظل ظروف المملكة، بلد صحراوي ، المياه الجوفية فيه مستنزفة ، المصادر الطبيعية شحيحة، لاتوجد فيه انهار، ولا امطار دائمة ، ما الخيارات الاستراتيجية المتاحة او البدائل او الطرق الحديثة الاخرى الارخص والانسب التي يقصدها الكاتب والتي يرى ان تقنية تحلية المياه فقط احدها وليس انسبها؟، استغرب ان مسؤولا في مستوى الكاتب، يرى ان السدود التراتبية الصغيرة، في كل قرية ومدينة، يمكن ان تكون احد البدائل الاستراتيجية الانسب، لتوفير المياه للسكان وللسائحين في هذه المناطق مع تضاعف عدد سكانها كل سنة.
2- مشروع التحلية بالشقيق، الذي يغذي ابها، ومشروع التحلية بالشعيبة الذي يغذي مكة المكرمة والطائف ، ومشروع تحلية الجبيل الذي يغذي العاصمة الرياض، ومشروع تحلية ينبع لتغذية مدينة الرسول، عليه الصلاة والسلام، هذه المشاريع لم تعتمد من وزارة المالية الا بعد معاناة شديدة مع وزارة المالية وطلوع روح المسؤولين في المؤسسة، اي بعد مناقشات واجتماعات وتنسيق ومتابعات مع وزارة المالية، ووزارة التخطيط ، وزارة الزراعة والمياه، ومصالح المياه في ذلك الوقت وذلك حتى تم التأكد انه لا يوجد بديل او خيار آخر ، تطبيقا للنظام الاساسي للمؤسسة الصادر بأمر ملكي ، الذي جاء فيه ان دور المؤسسة تعضيد المصادر الطبيعية، وتقوم بانشاء محطات تحلية في المناطق التي تعجز هذه المصادر عن سد حاجتها من المياه، وبعض المشاريع تؤجل سنوات للتأكد من انه لايوجد بد منها.
3- الموضوعية والواقع يقولان الصحافة منبر لايصال وجهات النظر والافكار والمقترحات والمبادرات وهموم وهواجس وقضايا الذين لا يجدون قنوات اتصال مباشرة بالمسؤولين، اما الكاتب فهو مدير عام ادارة تنفيذ المشروعات بالمؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة ، كما ذيل مقاله بذلك ، المقال الواقعي يغضب المسؤول، بينما المقال السطحي يغضب القارئ والمواطن، اذا لم يكن الكاتب هو المعني بما ورد في هذا المقال، فمن يا ترى يكون المعني به؟ يفترض ان قنوات الاتصال مفتوحة بينه وبين المسؤولين في المؤسسة لمناقشة اي مبادرة تخدم الوطن والمواطن بأقل التكاليف، رغم ان قناعتي ان الاستدراك على المسؤولين شيء مطلوب ومفيد ومرغوب فيه، الا انني ارى ان استدراك الكاتب غير موثق. اما بالنسبة للجدوى الاقتصادية ، فانها تحتاج الى مقال طويل لشرح عناصرها، ومتغيراتها ، والغرض منها وكيفية التعامل معها، والفرق والتداخلات بينها وبين الـ Optimization والـValue Engineering , لان الكاتب يبدو انه خلط - كما يحلو للكثير ان يفعل ذلك - بين دور المهندس والاقتصادي ، ولم يهتد الى الفرق والتداخلات بين هذه المعايير، عندما ألمح الى انه نتيجة لان تكلفة نقل المياه ضعف تكلفة انشاء محطة الشقيق، فمشروع التحلية في منطقة عسير غير مجد اقتصاديا، كأنه يقول يا وزارة المالية، لا تعتمدي المرحلة الثانية لتوسعة هذا المشروع، وتوجهوا للسدود الترابية لسقيا سكان ومواطني منطقة عسير.
مهندس ـ صالح بن محمد علي بطيش
