أعدت احدى الزميلات مجموعة من الأسئلة لتطرحها على بعض الخريجات الجامعيات بهدف نشرها في احدى المطبوعات الخاصة بالكلية. من تلك الأسئلة. ما تطلعاتك للوظيفة المنتظرة؟ وعن هذا السؤال أجابت احداهن: لا أتطلع لشيء لأنها غير موجودة. وعندما سئلت: هل فكرت في ممارسة عمل ما للتدريب دون راتب؟ أجابت: طبعا أكيد لا.
وعن الأسئلة نفسها قالت اخرى: تطلعاتي لا حدود لها ولكني أخشى الواقع الذي قد يفرض علي وظائف لا تناسب تطلعاتي فأقبلها لمجرد الحصول على وظيفة. وعن العمل دون راتب كفترة تدريبية قالت: الفكرة واردة وبقوة.. فالخبرة هي المكسب الذي يقودني للعمل براتب.
لاشك في ان هذا التباين في الاجابات ناتج عن قناعات شخصية وقدرات كل واحدة منهن في التعامل مع نفسها.. في توجهاتها وأحلامها وخططها المستقبلية. الأولى مفرطة في سلبيتها والأخرى طموح بإيجابية رغم مخاوفها المستقبلية. قد لا نستطيع تحديد أعداد نظيرات كل منها ولكني أخشى أن تكون أعداد الأولى في الصدارة ذلك.. لأني التقيت بمجموعة من الفتيات الحاصلات على دورات تدريبية ويرفضن الوظيفة لأسباب واهية مثل رفض العمل بدوام صباحي أو مسائي أو بعد مقر الوظيفة عن المسكن أو أي أسباب أخرى ضعيفة ولم أجد سببا لهذا الرفض سوى أن كل واحدة منهن كانت تجد من يلتزم بتقديم الغذاء والكساء لها. حتى لو كان مغموسا بمرارة الحاجة ودونية العالة، وبعضهن كان طموحهن يبدأ من القمة ولا يريد أن يبدأ بالخطوات الطبيعية من الأسفل الى الأعلى فقد قالت مجموعة منهن في يوم ما: سأفتتح محلا خاصا. يا عزيزتي حتى يأتي ذلك اليوم لابد أن تمارسي العمل وتكتسبي الخبرة فيه وفي غيره لابد أن يعرفك الناس ويتعاملوا معك.. أما تضعي رأسك على الوسادة بانتظار افتتاح المحل الخاص فهذا لن يحقق لك سوى المزيد من البلادة التي يصعب من بعدها النهوض.
وأعرف أيضا مجموعة من الفتيات يعملن متطوعات بساعات دوام كاملة رغبة منهن في مساعدة أنفسهن للوصول الى مكاسب عملية واجتماعية كثيرة.. وبهذه المجموعة وأمثالهن نستطيع فعلا أن نبني وأن نحقق الطموحات.. فمقولة (لا وظائف) أشبه بالكذبة لأن من يقولها يريد وظيفة مفصلة له بكل المقاسات الخاصة (الراتب وشكل العمل وقربه أو بعده من منزله ومدى ارضاء الوظيفة للأهل والجيران والعشيرة)!!
العمل هو القدمان اللتان تسيران بالأماني إلى أرض الواقع وتصعدان بهما الى قمم النجاح. ترى ما السبيل لكي يتعلم الأبناء هذه الحقيقة قبل أن يصلوا الى الخامسة والعشرين من أعمارهم. ربما تكون الاجابة قاسية ولكنها لا تخلو من حقيقة ان ذلك لا يكون الا بأن نرفع أيدينا بعض الشيء من كفالتهم.