دفنت يا ولدي بيدي اعز مخلوقة لدى وبدموعي امطرت جبينها وبآهاتي كفنت جسدها الطفولي البرىء عندما ولدت فرحنا بها وخاصة عندما تحبو وتحاول ان تمشي ثم تقع عندما كبرت بدأت تشكو من آلام حادة في المفاصل وتآكل في العظام وبدأت عيناها الصغيرتان بالاصفرار زاد بكاؤها واصبحت تتلوى وتصرخ وتستغيث من هذه الآلام ذهبنا بها الى الاطباء حيث قالوا انها مصابة بمرض وراثي اسمه الانيماء المنجلية حيث كان من آثاره عليها ان سد الشعيرات الدموية المغذية للمخ والرئتين قدر الله لها ان تعيش تسع سنين من عمرها ولكن قضاء الله ياولدي شاء ان يخفف من معاناتها حيث توفيت وهي بين يدي والدتها روى الله تربة قبرها ماء زلالا وعطر ذلك الجسد الصغير برياحين الجنان.
قال الاطباء لنا ان نسبة الاصابة بامراض الدم الوراثية في المنطقة الشرقية تزيد عن 27% وهي اعلى من المعدل العالمي وهو 4% وللقضاء على هذا المرض من جذوره فان الحل الوحيد له هو الزامية الفحص الطبي على الزوجين قبل عقد القران حيث يتسنى للطبيب وللعروسين مناقشة نتيجة وآثار الفحص الطبي.
قال الاطباء ايضا ان كثير من الدول طبقت الزام الفحص الطبي ومن تلك الدول الاردن والبحرين وفلسطين!! تذكرت زوجتي بنيتها المتوفاة فهالت دموعها حينما تذكرتها وهي تصرخ قبل ان تموت على يديها يقول المختصون ان تأخير تطبيق الزام الفحص قبل الزواج لمدة ثلاث سنوات سوف يعني ولادة 12744 طفلا مصابا بمرض الدم الوراثي و 163548 حاملا للمرض وسوف يكلف علاجهم تقريبا 222 مليون ريال هذا غير الاعانات التي تصرف لهؤلاء المرضى لانهم او بعضهم سيصبحون معاقين.
قالت زوجتي لماذا لايلزم المأذون بالتأكد من وجود شهادة الفحص الطبي من قبل الزوجين قبل الزواج؟ باسم طفلتي المتوفاة ونيابة عن الاطفال الذين لم يولدوا اتقدم لاصحاب وصاحبات القلوب الرحيمة ان يتوجهوا الى مقام وزارة الصحة ومقام وزارة العدل بتطبيق الزام الفحص الطبي حالا قالت هذا الكلام وبدأت تبكي وتنتحب وهي تتذكر ابنتها. اما انا فقررت ان اشكو كل من ساهم في تأخير قرار الزام الفحص الطبي قبل الزواج حيث قررت ان اشكوهم الى الله عند كل صلاة وعند هطول المطر وعندما اسمع صراخ مرضى الدم الوراثي وعندما اتذكر طفلتي المتوفاه هذا الكلام هو ما قاله محدثي وهو يبكي.
