أخبار متعلقة
اختياري القانون الدولي الخاص يرجع إلى أن المشتغلين بالقانون الدولي هم سفراء لأوطانهم.. هكذا يبدأ الدكتور صالح الطيار حواره معنا. أما عن فكرة تأسيسه مركز الدراسات العربي الأوروبي وكذلك منظمة العدالة الدولية فيقول الطيار: ان مهمتها هي الدفاع بأسلوب قانوني عن كافة الاتهامات الموجهة ضد العرب والمسلمين بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر.
وحول ظاهرة التطرف يقول ان التطرف هو انغلاق الفكر واسرافه في أمر نفسه وعدم اكتراثه بالآخرين كما أن فرض الآراء بكافة الأساليب المشروعة وغير المشروعة أخطر مظاهر التطرف.. ودعا الدكتور الطيار الجميع الى الاعتدال ونبذ الفكر المتطرف.
كما أوضح وجهة نظره حول تطوير المناهج الدراسية داعيا إلى التجاوب مع العصر ومفاهيمه الحديثة وقال اننا لا نملك الشجاعة في النظر إلى أنفسنا ونقد ذاتنا.
أهمية العلم
@ من يطلع على سيرتكم الذاتيـة لشخصكم يشـده اختياركم باريس لدراسـاتكم العليـا في مجـال القانون الدولي الخـاص ...ما أسبـاب اختيار فرنسـا بدلاً من أمريكـا وبريطانيا.وأسباب اتجاهكم للقـانون الدولي؟
ـ يا سيدي أولا لا يخفى على أحد مدى أهمية المجالات العلمية والبحثية داخل المجتمع الفرنسي واثناء اتخادى قرار عمل الدراسات العليا كان معظم الباحثين من دول الخليج يتجهون صوب أمريكا وبريطانيا ....فرأيت أنه من الضروري أن نعزز علاقاتنا الثقافيـة بفرنسـا..فتنوع الثقافات داخل مجتمعنـا ضروري جـداً ..من هـذا المنطلق انتهجت منهجا خاصا باختياري المجتمع الفرنسي كي أتابع دراساتي العليا لأحصل على درجـتي الماجستير والدكتـوراة في القـانون الدولي الخاص .
ثم ان السياسة الفرنسية المعتدلة وما للعالم العربي من مكانة داخل فرنسا كانا حافزين بالنسبة لي لاختيار فرنسا . كما أن تنوع مصادر الثقافات من شأنه إثراء المجتمع السعودي وجعله قادرا على مخاطبة كافة المجتمعات. إضافة لكل ذلك ان فرنسا هي اصل القوانين وإذا راجعت معظم الدساتير العربية فستجدها مشتقة من القوانين الفرنسية.
أما عن اختياري القانون الدولي الخاص فذلك يرجع إلى أن المشتغلين بالقانون الدولي هم سفراء دائما لأوطانهم وقوميتهم فكل يوم تعمل فيه في هذا المجال لابد أن تعي تماما انك تخاطب كافة الانتماءات والجنسيات وهم كذلك مهما كانت الموضوعية التي يتعاملون بها معك فلن ينسوا انتماءك العربي....ولعل تنوع مصادر الثقافات من شأنه إثراء كيان المجتمع .
ولا أخفي عليك سرا فان الاشتغال بهذا الفرع من القانون شاق للغاية حيث يتطلب منك البحث المستمر ومتابعة كافة الأحداث الدولية ورصد ردود أفعالها...
قوميتك العربية
@ مركز الدراسـات العربي الأوروبي الذي ترأسونه ركز في مؤتمراته ومحاوراته حـول العالم العربي وما يعترضه من إشكاليـات وما ينتظره من مستقبل ..هل مازلت مؤمناً بالقضايا القوميـة رغـم الانقسام العربي والويلات التي جرتهـا شعـارات القومية والوحـدة على الشعوب العربيـة ؟ ولماذا لا تركزون على مستقبل الكيانات الوطنيـة ومسـائل الحـريات الديموقراطيـة ؟
ـ اشعر بأنك تسألني لو جرحت يدي لماذا لا اقطعها وارحم نفسي من آلام الجرح .
انك عندما تدافع عن قوميتك وانتمائك العربي إنما تدافع عن مصيرك اليوم ومستقبل أولادك غدا فإذا منحتك أية دولة جنسيتها فدائما ستجد في جواز سفرك محل الميلاد لن تستطيع على الإطلاق تغييره.. أي انه هناك علاقة أبدية بينك وبين مكان ميلادك مهما تغيرت الظروف.
وما الحال إذا أصبنا جميعا بإحباط نتيجة للظروف الحالية وعكفنا عن ممارسة العمل العام؟ سنزداد سوءا يوما بعد يوم . ان كيان الأمـة العربيـة اليـوم امانة في أيدينا سنقوم بتوصيلها الى أبنائنا فإما أن يرثوا عنا تركة يكونون فخورين بها ويترحمون علينا عند مماتنا واما ان يرثوا تركة مثقلة بالديون والهموم وبدلا من ان يبنوا لمستقبلهم يضيعون عمرهم فى محو آثار الماضى.
اما عن الشق الثانى من سؤالك فان من شأن العمل الدولى والاختلاط بكافة الثقافات اثراء للمشتغل به بالشكل الذى يستطيع به ان يرى ما بداخل مجتمعه من سلبيات ويحاول ان يصلح منها.
الا اننى اعتبر انه ليس من الذكاء مناقشة السلبيات الداخلية على الصعيد الدولى حيث اننا بذلك سنترك الفرصة للمتربصين بنا كى يستغلوا مثل هذه الامور لمصالحهم الشخصية.
وسأضرب لك مثلا بسيطا إذا اختلفت انت واخوك وجاء اليكما ضيف هل ستستمران في مناقشة الخلاف ام ستنتظران رحيل الضيف؟
لابد ان نعى تماما عم نتكلم واين نتكلم . اما عن تنمية الديموقراطية فلا يمكن ان تتلقى كل المجتمعات على تفاوت مستوياتها من حيث الثقافة السياسية تجربة الديموقراطية بشكل كامل ولكن لابد ان تسير الديمقراطية متوازية مع تنمية الفكر السياسى فعلى سبيل المثال لو طرحنا موضوعا مثل الانتخابات البرلمانية فى مجتمع تربطه العلاقات الاسرية وغلبت عليه النزعة العائلية هل تضمن ان ينتخب من يصلح لتمثيله ام سيفضل من هو من عائلته؟
لكنى استطيع ان اؤكد لك اننا نسير للامام وما لدى الجيل الحالى من وعي يزيد بكثير عمن سبقه وسيقل عن الاجيال التالية.
الحوار مع الغرب
@ أنت تدعـو في كتبك وأفكـارك إلى الحوار مع الآخـر -الغرب- والديانات الأخرى.أليس ذلك عملاً طوبـاوياً إذا كنا لا نتحاور مع أنفسنـا ومع أبنـاء جلدتنـا ؟ ولماذا الحوار مع الذات صعب جـداً ويؤدي إلى انقسام وتخوين ؟
ـ لعلك تابعت مؤخرا نتيجة قلة الحوار مع الغرب والذي أدى الى ان صور بعض المغرضين عنا صورا ليست منا سواء عربيا أو اسلاميا ولكن نحن الذين اتحنا لهم الفرصة فاذا كنا لم نعرف الغرب بنا فهل سيأتى من يقوم بهذه المهمة بدلا منا وهل سيقوم بها من يدافع عن التعريف بمجتمعاتنا بموضوعية ام سيضع فى اعتباره مصالحه الشخصية ؟
وهـذا كان وراء فكـرة تأسيسي مركز الدراسـات العربي الأوروبي منذ أكثر من اثنى عشر عاماً..ومنظمة العـدالة الدولية التي أسسناها في باريس لنـدافع من خلالهـا بأسلوب قانوني على كافـة الاتهامات الموجهـة ضـد العرب والمسلمين بعـد أحـداث الحـادي عشر من سبتمبر.
وهـذا مايؤكـد المبادرة التي تبناها سمو الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهـد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني عنـدما رعى المؤتمر الدولي حـول حـوار الثقافات الذي نظمته مكتبـة الملك عبدالعزيز في الرياض في الأول من شهـر محـرم من العام المنصرم وعلى ضوء نتائجـه الإيجابيـة وجـه سموه على ضرورة تنظيم هـذا المؤتمر وانعقـاده سنوياً في الرياض تحت رعايته .
شرح موروثنا
@ الإرهـاب والتطرف لماذا نبررهما دوماً بظلمنـا من قبل المجتمع الدولي وإسـرائيل ..هل أنت مع القائلين ان التطـرف قـد نجـد له جـذورا في موروثنـا التراثي والثقافي وبالتالي علينـا أن نحيل كل إخفاقاتنـا الى الخـارج ؟ وكيف يمكن تشخيص التطرف وتشريحه بوضوح وشجـاعة ؟
ـ سؤالك اجابة عن السؤال السابق من اين سمع عنا المجتمع الدولى ؟ وما مصدر وسائل الاعلام العالمية ؟ وما مدى تأثيرنا فيها؟
فاذا نشطنا الحوار مع الغرب وقمنا بشرح موروثاتنا التراثية والثقافية بشكل موضوعى فهل سيجد الغرب فيها اى علاقة بالارهاب او التطرف؟
ـ اما اسرائيل فدعنى اقل لك بصراحة انها تستطيع ان توصل صوتها وان تبث من الافكار ما تشاء وان تروج لها اعلاميا بالشكل الذى يخدم مصالحها وهم فقط اصحاب المصلحة فى الصاق التطرف بنا . ولعلك تقرأ كتب المستشرقين المعتدلين تجد بعضها يتكلم عن الاسلام والعرب بموضوعية تامة خاصة من عاش منهم فى مجتمعاتنا العربية الاصيلة.
وبشجاعة اقول لك ان التطرف هو انغلاق الفكر واسرافه فى امر نفسه وعدم اكتراثه بآراء الآخرين من حوله كما ان فرض الآراء بكافة الاساليب المشروعة وغير المشروعة اخطر مظاهر التطرف ...وهـذا يتنـافى مع مبادىء الإسلام الحنيف تنتهجه المملكـة قيـادة وشعباً كدستور سماوي ينبـذ التعصب والتطـرف ويؤمن ويحض على الوسطيـة إيماناً بقـوله تعـالى (وكذلك جعلناكم أمـة وسطـا) صـدق الله العظيم ..من هـذه الآيـة نستلهـم الاعتـدال ونبـذ الفكـر المتطـرف والانغلاق على الذات ....فخير الأمور أوسطهـا .
مجتمعي سعودي
@ يُقال انكم لا تعرفون الواقع السعودي باعتباركم تعيشون في باريس ...وأنكم لا تسمعون سـوى الصـدى..هل أنت بعيـد عن قضـايانا ؟
ـ يسعـدني أن ادعوك للتعرف على مجتمعى الذى اعيش فيه يوميا فى باريس وستجده سعودى الاصل والتوجه والانتمـاء ....فأبنـائي وتعلمهـم الدين الإسلامي وزرع مباديء ومناهج حب الوطن والانتماء والتضحية من اجله لا يمكن أن تقل عن مجتمعي داخل المملكـة ....فحياتنا في فرنسـا تعتبر امتـداداً طبيعياً لحيـاتنا ومنهجنا الديني والوطني والأسـري في المملكة .
بل اذا تابعت نشاطات مركز الدراسات العربي الأوروبي ومنظمـة العـدالة الدوليـة ..وكافـة الأنشطـة الفكـرية التي أشـارك فيهـا كمحام أو كمفكـر سعـودي ..فإنهـا تنصب أولاً وأخيراً لصالح قضايانا وهمومنا الداخليـة والعربية والإسلاميـة .
كما ان غالبية المترددين على مكتبى فى باريس من المملكة وكل من يتعامل مع المكتب يعلم تماما هويته السعودية شكلا ومضمونا....وانتماء...فالانتماء والالتصاق بالوطن والدفاع عنـه ليس مقصـوراً على أحـد بعينـه بل يعتبر مسئوليـة كل مواطن أياً كان موقعـه وأياًن كان مصـدر عيشـه الذي أراده الله له .
واعود واكرر لك اذا اوجدنا فى كل مجتمع اجنبى ممثلين عنا كسعوديين يتعاملون مع شعبهم فى الامور الحياتية بالشكل المحترم فسنفرض عليهـم احترامهـم لنـا ونؤكـد لهـم أننـا من أفضل شعـوب الأرض محبـة للأمن والسلام ..ومن اين سيأخذون عنا افكارا ليست منا؟ . فاذا كنت قد اتخذت من باريس مقرا لانشطتى فهذا قـدر أراده الله لي لأنال شـرف المسـاهمة في الدفاع عن وطني وولاة الأمـر والتعريف بقضايانا المشـروعـة بأسلوب علمي ..وهـذا قـدر شــاق ...فالغربـة ومواجهة الآخرين والحـوار مع من يخالفك الرأي ويحـاول أن يصفك بأوصـاف بعيـدة عنك ..أليس من الضروري المسـاهمة في الوقوف أمام تلك المحاولات التي ترمي إلى النيل منا كوطن ومجتمع .
كما ان وجودى فى باريس وتعرف المجتمع هنا على هويتى السعودية يتطلبان منى الالمام التام بكل قضايانا الوطنية حيث ما من حدث يقع فى المملكة الا واكون مطالبا بالرد عليه او تفسيره... المهم ان تسألنى ماذا قدمنـا أنا وانت وغيرنـا من المخلصين لهـذا الوطن لصـالح هذا الوطن ومجتمعـه ؟ وهـذا أقل مايجب أن يقـدمه مواطن لوطنــه .
المقارنة ظالمة
@ ينقص المملكـة مراكز البحـوث والدراسـات السياسيـة والمستقبلية التي قـد تعين صانع القرار..لكن لا نجـد هـذه المراكز..ما تفسيرك ؟ ولماذا يتخـوف صانع القرار العربي من الاستعانة بالمــثقفين والمفكرين ؟
ـ دعني اختلف معك فيما ذكرته .المشكلة هى ان المقارنة بين المجتمع السعودى وغيره من المجتمعات ذات الثقل البحثى مقارنة ظالمة ... تنظر الى فرنسا وتنظر الى المملكة ومن هنا تشعر بالفرق .
اقول لك ليس من العيب ان نكون اقل من الاخرين لكن العيب كل العيب ان نرضى بأن نكون واقفين فى نفس المكان.
ودعني اسألك هل الحياة البحثية والعلمية الآن فى المملكة كما كانت منذ اقل من عشر سنوات ؟ بالطبع الإجـابة المنصفـة هي لا .
حيث نجـد الآن عـددا من المراكز البحثيـة المتخصصـة يقـوم عليهـا باحثون سعوديون متخصصون في المجالات المختلفـة ...فأين الخـوف من هـذه المراكز ...خاصـة أن هـدفهـا الرئيسي هـو مسـاعدة صـانع القرار في اتخـاذ قراره ..إلا أنهـا حتى الآن لم ترق إلا أن تصبح هـذه المراكز -في المملكـة -على المستوى الذي يرقى إلى أن يعتمـد عليهـا صانع القرار ..وهـذا ليس عيباً في نشـاطات المراكز ولكن يجب تنميـة أنشطتهـا ودعمهـا بكافـة السبل ليرى فيـــهـا صانع القرار مصـدراً يعتمـد عليه .
ومن الضروري التنويه بأن مراكز الدراسـات ليست أداة لصناعة القرار ولكنهـا أداة من أدوات مسـاندة صانع القرار إذا ما وجـد فيهـا ما يمكن أن يستفيـد منها .
فعلى سبيل المثال ان مركز الدراسـات العربي الأوروبي في باريس وكذلك منظمة العدالة الدوليـة بباريس منـذ أن تأسست وهـو يُرقي من أنشطته بالشكل الذي يمكنه من مساندة ودعم صناعة القرار ..ويرفع لصانع القرار العربي والأوروبي على حـد سواء توصياته العلميـة المنبثقـة من الدراسـات والمؤتمرات المتخصصـة ..فيأخـذ منهـا صانع القرار ما يراه مناسبـاً لخـدمة الأهـداف التي يتــــطلع إليهـا .
تصحيح المناهج
@ تطوير المناهج الدراسية في المملكة إشكالية لانجـد لها أي حل هل تعتقـد أننا لا نملك الشجاعة للنظر في مرآة ذاتنـا ؟ وما المعوقات ؟
ـ أرى نبرة من التشـاؤم في سؤالك ..ياسيــدي يجب ألا نستعجل الأمـور ..فكل من خـرج منا إلى المجتمعات الأوروبيـة يعـود لينتظر منا مثلما رأى ..وهـذا خطأ ..
فالمهـم أن نبدأ في تصحيح المناهج العلميـة بما يتناسب ولغـة ومفاهيم العصر وتتجاوب مع الطموحات التي يسعى إليهـا أبنـاء هـذا الوطن ..وكل ذلك يجب أن يسير متوازناً مع التنميـة البشرية لأعضـاء المجتمع السعـودي الذي تسير تنميته بخطى ثابتـة ومتأنيـة لكي لا نقع في المحظـور من جـراء استعجال التغيير لمجـرد التغيير .
ومن قال اننـا لا نملك الشجاعة في النظر إلى أنفسنـا ونقـد الذات .. العكس هـو الصحيح ..فمن الشجـاعة أن نعرف إمكانياتنا وحجم أنفسـنا ونختار من الوسـائل ما يناسبنـا لتنميـة قـدراتنـا على كافـة المستويات .
أما عن المعوقات فمن وجهة نظـري الشخصيـة أرى أن التحـديات القائمة في بنـاء الإنسـان السعـودي المثقف هي أقـوى التحـديات التي تواجهنـا في طريقنـا إلى التنميـة .
فعلى كل منا أن يبـدأ بنفسـه وأن يطور من مجال عمله وأن يضع نصب عينيـه مصلحـة الوطن والمجتمع بشكل عام وأن لا ننجـرف وراء مصطلحـات تهبط من عزائمنا وتحـاول النيل من قدراتنـا ...خاصـة أنه من الضروري التذكير في هذا المقـام بما ينـادي بـه ولاة الأمـر في المملكـة على أن الإصلاحات مطلب ضروري للمجتمع ..ومن أجل ذلك نجـد اللجـان المتخصصـة التي شُكلت في السنوات الأخيرة بغيـة تحقيق الأهـداف التنمويـة على أسس راسخـة - المجلس الاقتصـادي الأعلى - المجلس الأعلى للتعليم -المجلس الاعلى للسياحة وغيرهـا ....برامج التخصيص . أليست كل هــذه الجهـود مؤشـرات على وجـود منهج مدروس ومحسوب للتطوير والإصلاح ؟
مرحلة صعبة
@ ما آفاق العالم العربي في ظل أزماتنا المختلفـة وعلى رأسها الأزمة العراقيـة ؟ وهل تعتقـد أن أجيالنـا ستجـد لهـا مكاناً في قطـار العالم الجـديد ؟ ـ يعيش العالم العربي اليوم مرحلة صعبـة للغايـة نتيجـة الإحـداثات التي نتجت عن أزمـة الخليج الثانيـة ..فمنـذ شهـر أغسطس 1990الذي قســم الظهـر العربي وشتت إمكانياته وطاقاته وجهـود المخلصين التي كانت مسخرة لمواجهة عـدو مغتصب -إسـرائيل- فوجـدنا تلك الإمكانيات مسخـرة لإصلاح جـراح مضت بدلاً من أن توجه إلى مزيـد من الوحـدة الاقتصـادية والبشـرية فيما بين الاقطار العربيـة.
لكن دعني أقـل انه ما زال الأمـل يحـدوني في إصلاح البيت العربي من الداخل إذا ما صـدقت النوايا ..فلنـا في مشـروع الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهـد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني الرامي إلى إصلاح البيت العربي مثال لمـدى الحرص على أن تعـاد إلى هـذا البيت قـوته ومكانته الدوليـة ..وللنظر إلى مجلس التعاون الخليجي كمثال ناجح وثابت للوحـدة العربيـة على كافـة النواحي ...ومع ذلك لم تتخل المملكـة عن دورهـا التاريخي في دعـم إعـادة الصف العربي وبذلت وتبذل من أجل ذلك جهود محسوسـة وملموسـة على كافـة المجالات ونترك للمنصفين في عالمنـا العربي أن يبرزوهـا .
أما عن أبنـائنا والأجيـال القادمـة ..فيمكنني التأكيـد على أن ماتبذله المملكـة من جهـود ينصب في تهيئة الأجيال لمواجهة التحـديات ومواكبـة التطـور على كافـة المستويات ...وأؤكـد في هـذا الصـدد على ضرورة أن تقـوم مناهج التنمية على أسس تضع في اعتبـارهـا تطورات العالم المتلاحقـة ..ويجب أن يتولى كل منا مسئوليته للإعـداد الجيـد لمستقبل أبنـائنـا . الفضائيات العربية
@ الفضائيـات العربيـة إعلام لا يحترم جماهـيره..ما أفضل السبل لصناعة إعلام جـديد يحترم عقلية الإنسـان العربي ؟
ـ دعني أقـل لك ان بعض الفضائيات العربيـة هي التي تستهين بعقول الجماهير العربيـة ..حيث اننـا لا يمكن أن ننكر وجـود بعض المحطـات الفضائيـة التي تلقى مصـداقيـة لدى الشـارع العربي ..كما أنه من الضروري أن نسأل أنفسنا .هل الهـدف من تلك الفضائيات هو توجيه الخطـاب الإعلامي للعرب المقيمين خارج أوطانهـم ؟ في وجهة نظـري الإجـابة هي بالنفي ..لأن من المفروض أن نخاطب عقول الغرب ونوضح من خلال تلك الفضائيـات الجـانب الإيجـابي في مجتمعاتنا العربيـة ..والسعى إلى التعريف بقضايا أمتنا والتأكيـد على أن العرب ليسوا أعــداء للغرب ويمكن أن نقول ان هناك عجـزا إعلامياً عربيـاً في إيصال الرسـالة الإعلامية العربيــة إلى شعـوب العالم ..إلا أنني أعـول على الفضائيات الرسميـة أن تقـوم بـدور أكبر لإيصـال الرسـالة المطلوبة بشكل معتدل.
أما سلبيات بعض الفضائيـات التي تعتمد على إثارة الشـارع العربي لانتشـارها واستقطاب أكبر عـدد من المشـاهدين ..فذلك لا يمكن أن يُفسر سـوى بالأهـداف التجاريـة ومحـاولة إثبـات الذات حتى ولو كان ذلك على حسـاب مشـاعر الجماهير..إلا أنه مع استمرار سيـاسة إثارة الشارع يستطيع المواطن العربي أن يختار الأفضل من تلك الفضائيات التي تمتلك من المصداقيـة التي تجعله حـريصاً على متابعتهـا .
وفي جميع الأحـوال يجب أن لا نترك تلك الفضائيـات تتعامل وتوجه خطابهـا إلى الشـارع العربي من طـرف واحـد ..دون محـاولة المسـاس بحـريـة إبـداء الرأي مهما إختلفنـا معهـم ..فالمهـم هو كيفيـة طرح الرأي ...فأرى ان المشـاركة الفعالة في برامج تلك الفضائيـات تعتبر ضرورية لتحقيق توازن بين الغث والسمين .
الجامعة العربية
@ مارأيك فيما تقـوم به الجامعة العربيـة ؟وهل حـان الوقت لإعـادة النظـر فيهـا بشكل جـذري ؟..ورؤيتك حـول تطـويرهـا ؟ ـ يجب أن نعلم أن الجامعـة العربيـة هي منظمـة إقليمية تأسست بإرادة سياسيـة عربيـة ..ولا يمكن لهـذه المنظمـة أن تكون فاعلة ومؤثرة إن لم يتوافر لهـا السياسي من بعض القيـادات العربيـة ...فترهل دور الجامعـة يعـود في الأصل إلى عـدم توافر الإرادة السياسيـة منهـم .
وأياً كانت الجهـود المبذولة من قبل الأمين العام ..لايمكن وحـدهـا أن تحقق ما يربو إليـه الشـارع العربي ..ولكن أرى في تطبيق مبادرة الأمير عبدالله التي أجل عرضهـا على القمـة العربيـة الأخيرة مخـرجا ناجعا لإعـادة دور الجامعـة العربيـة بشكل فعـال إذا ما طبقت بنـودهـا كما أعلن عنها .
د.صالح الطيار
ومع الرئيس الفلسطيني