تتوالى صور الدمارعلى الطريق السريعة رقم ثمانية التي تربط بين بغداد والجنوب العراقي على غرار تتابع الصور في نهاية شريط سينمائي مثير تختلط في حبكته مشاعر الطموح واحاسيس الموت والتحدي.
وجسدت كل واحدة من "المشاهد الاخيرة" التي تشكل الديكور الحزين للطريق صورة رمزية جديدة للحرب الخاسرة لنظام صدام حسين.
وشوهد آلاف الاشخاص يسيرون على الطريق بينهم شبان وضعوا على رؤوسهم الكوفية العراقية التقليدية ونساء متقدمات في السن وقد لبسن التشادور الاسود وهم يلوحون بالعلم العراقي ذي الالوان الحمراء والخضراء والسوداء. وهم بحسب جندي امريكي نزلوا الى الشوارع للتعبير عن قناعاتهم بعد سقوط نظام صدام حسين الذي قمعهم.
ومع اقتراب نهاية فترة بعد الظهر كانت الشمس ترخي خيوطها الرقيقة على ولدين كانا يرعيان قطيعا من الغنم والبقر. وتجاوزتهما على الطريق شاحنتان غصت مقطورتاهما بالبصل وحافلة ملئت دجاجا. وشوهد ولدان يلعبان فوق كوم من الفحم الحجري في مؤخرة شاحنة اصيبت من قبل القوات الامريكية لدى تقدمها في اتجاه بغداد.
وخلال ثلاث ساعات من السير على الطريق امكن احصاء 23 سيارة محترقة على جنبات الطريق. كما شوهد ما لا يقل عن 24 شاحنة اصيبت بالقنابل او الصواريخ الامريكية في حين بدت عربة ثبتت عليها قاذفة صواريخ على حافة الطريق لم تصب باضرار. كما بدت ثماني دبابات وبطاريات دفاعات عراقية مدمرة وقد تسمرت على طول الطريق وكانها مشهد موت مفاجىء. وفي بعض المدن والقرى يمضي العراقيون وقتهم جالسين حول صور شوهت لصدام حسين قرب اطلال مبان قصفت.
وبدا وكانهم لا يرغبون كثيرا في رؤية سيارات دفع رباعي غربية غير انهم يقدمون بعض النصائح بالاشارات وبلغة انجليزية ضعيفة بشأن الطريق الذي ينبغي سلوكه للوصول الى الناصرية. وتحتضن هذه المدينة (جنوب) اجتماعا للمعارضة العراقية لبحث مرحلة ما بعد صدام.
وفي الوقت الذي لا تزال فيه العاصمة العراقية تشهد اعمال نهب فان الوضع في القرى والبلدات جنوبي العاصمة بدا هادئا نسبيا رغم غياب حضور امريكي منظور في بعض هذه القرى. ولا تزال اغلب المحلات التجارية مغلقة مع وجود بعض "البسط" التي تعرض الفواكه والخضر تعبيرا عن ارادة اصحابها في استئناف اعمالهم.