السؤال الوحيد الذي يتردد اليوم على ألسنة جميع الرافضين للهيمنة الاميركية على العراق هو التالي : من سيكون المقبل على لائحة المستهدفين من قبل الدولة العظمى الوحيدة بعد سقوط نظام الرئيس العراقي صدام حسين ؟.
ان الرئيس الاميركي جورج بوش رفع شعار الحرب الوقائية اي العمل على سحق اي تهديد محتمل قبل تحوله الى خطر فعلي قد يستهدف الولايات المتحدة بنظره، لذلك لا شيء يمنع بعد نجاح هذه السياسة في افغانستان والعراق ان تكر السبحة وان تتعدد المغامرات العسكرية الاميركية لضرب اعداء جدد.
الا ان وزير الخارجية الاميركي كولن باول نفى الخميس وجود هدف جديد على اللائحة السوداء للولايات المتحدة. وقال في حديث الى التلفزيون الباكستاني ليس لدى الولايات المتحدة اي خطة او لائحة تتضمن دولا نريد مهاجمتها الواحدة تلو الاخرى.
بعد القضاء على صدام حسين لم يبق من محور الشر الذي حدده الرئيس الاميركي سوى ايران وكوريا الشمالية، الا ان مستشاري البيت الابيض لا يفوتون مناسبة الا ويضيفون اليها سوريا.
وقال بول ولفوفيتز مساعد وزير الدفاع الاميركي الخميس امام مجلس الشيوخ ان السوريين لا يتصرفون بشكل جيد، وقد يكون من المناسب ان نذكرهم بذلك مضيفا في حال استمروا على هذا النمط فسيتوجب علينا اعادة النظر في سياستنا ازاء بلد يؤوي ارهابيين ومجرمي حرب.
وقام ريتشارد ارميتاج مساعد وزير الخارجية الاميركي بتوسيع لائحة المغضوب عليهم اميركيا وقال في خطاب له امام المؤسسة الاميركية للسلام في سبتمبر الماضي ان حزب الله اللبناني قد يكون المجموعة رقم واحد في مجال الارهاب العالمي مضيفا انهم على اللائحة وستأتي ساعتهم، لا مجال للشك في ذلك.
وقبل ان تستهدف ايران وكوريا الشمالية فان واشنطن تنوي استخدام ادواتها الدبلوماسية والاقتصادية لتجسيد ما يحلم به الرئيس الاميركي اي ان يؤدي اسقاط النظام العراقي الى موجة تغييرات ديموقراطية في الشرق الاوسط.
وما ستقوم به واشنطن في مجال اقامة السلطة الجديدة في العراق سيكون حاسما خصوصا ان انظمة عربية متسلطة لن تنظر بعين الرضا الى اقامة نظام عراقي منفتح سياسيا واقتصاديا.
وفي حال تبين ان القادة العراقيين الجدد ليسوا سوى دمى بايدي البيت الابيض، او في حال وضعت الشركات الاميركية يدها على الثروات النفطية العراقية فان كل الآمال المعلقة على نقل العدوى الديموقراطية الى المنطقة ستتبخر في الهواء.
وقال ستيفن كليمونس المحلل في مجموعة فكرية في العاصمة الاميركية تعمل تحت اسم نيو اميركا فونديشان ان كل ما سنقوم بها ابتداء من الان سيكون له رجع صدى ايجابيا وسلبيا في قلوب وعقول سكان العديد من الدول الاخرى مضيفا انها لعبة ترتدي فيها الرموز اهمية كبيرة.
ويؤكد مسؤولون اميركيون ان الولايات المتحدة سيكون لديها ما يكفي من المشاكل في العراق وفي افغانستان لمنعها من الدخول في مغامرة جديدة، كما ان ترسانات الاسلحة الايرانية والكورية الشمالية تعتبر تهديدا مختلفا تماما عما كان يمثله التهديد العراقي.
وهكذا تعتبر واشنطن ان الملف العراقي لا يشبه الملف الكوري الشمالي وهي اختارت الدبلوماسية مع بيونغ يانغ والحرب مع بغداد، ولا يتردد المراقبون في اعتبار هذا الموقف عجزا من قبل الولايات المتحدة عن مواجهة كوريا الشمالية.
واشنطن ـ اف ب