صور القتلى ومشاهد الحرب والدمار التي تنقلها شاشات التليفزيون لحظة بلحظة من مواقع العمليات العسكرية في العراق.. ترى ما مظاهر تأثير تلك المشاهد على الافراد والمواطنين العاديين بمختلف مراحلهم السنية نفسياً وعضوياً.. (اليوم) استطلعت آراء عدد من علماء الطب والطب النفسي. تقول د. احسان محمود فهمي استاذ الامراض النفسية بطب بنها.. ان الافراد يختلفون في تأثرهم بالحرب طبقاً للمراحل السنية التي يمرون بها.. فالطفل يعتقد ان الام والاب والاسرة هم اقوى شيء فاذا ما شعر بضعفهم يصبح فاقدا للامان.. وتضطرب سلوكياته.. ويشعر بنوع من التوتر والخوف الشديد علاوة على اصابته بالجيش ويمكن ان يؤدي ذلك إلى امراض عضوية كالتبول اللاارادي وفقدان الشهية او الاقبال على الغذاء بصورة غير طبيعية.. ويفقده السيطرة على الوسائط الفسيولوجية لديه.. خاصة لو اطلع على صورة اطفال يتشابه معهم.
وتوضح د. احسان ان المراهقين هم الاكثر تأثراً بمشاعر الاحباط نتيجة احساسه بالضعف والعجز بأنه غير قادر على حماية نفسه فيهرب في الملذات والمحرمات التي تبعده عن الواقع المؤلم وتطالب د. احسان الاحزاب والمؤسسات بفتح ابوابها للمراهقين للتعبير عن آرائهم بدلاً من اشتراكهم في اعمال شغب اول لجوئهم لادمان المخدرات وغيرها.
وتقول د. احسان ان الام المكتئبة تهمل في نشاطاتها اليومية بما يؤثر على المناخ العام في بيتها ويصيب الجميع بالتوتر كذلك الرجل الذي يدرك ان عمله لا جدوى منه بعمد حالة العجز والضعف التي تشابه من عدم قدرته على مساندة المظلومين.. وتؤكد احسان ان اعداد المترددين على عيادتها النفسية زادت بنسبة 100% خلال هذا الشهر نتيجة احداث الحرب.. وتطالب بالاندماج الاسري والحوار بين افرادها كحل لهذا الاحباط العام. ويقول الدكتور يسرى عبد المحسن استاذ الطب النفسي بجامعة الازهر ان الافراد يتأثرون كثيراً بسماع الاخبار السيئة ويجعلهم يشعرون بعقدة الذنب خاصة اذا كانوا مرهفي الاحساس وشخصيات هشة والذين لديهم خبرة في الحياة.. ويشير إلى ان الناس تختلف من حيث درجة تحملها رؤية مشاهد الحرب والدمار فالبعض قد يتأثر بدرجة كبيرة جداً قد تصل إلى حد اصابته ببعض الامراض النفسية مثل الاكتئاب والشعور بالاحباط واليأس وفقدان الامل وسيطرة الخوف مما يؤدي إلى اضعاف الاداء وفقدان التركيز.. وينصح الدكتور محمد رضا البلتاجي استاذ امراض الباطنة بجامعة القاهرة الامهات بابعاد ابنائهن عن مشاهدة مظاهر القتل والانفجارات العنيفة حتى لا يصابوا بالخوف الشديد وتستمر معهم طوال حياتهم.. بالاضافة إلى اعراض نفسية وامراض عضوية في البطن والصدر وعدم القدرة على التنفس وقد تظهر حالات التبول اللا إرادي نتيجة فزع الطفل من مشاهد صور الدم. ويؤكد الدكتور محسن سلامة استاذ الكبد والجهاز الهضمي ان المحنة التي يتعرض لها الشعب العراقي اصابت المواطن العربي بالعجز والاحباط والاكتئاب التفاعلي نتيجة احداث الحرب وضعف مساهمته في دعم اشقائه في الحرب ويضيف إن زيادة التفاعل لدى المواطن العادي قد تؤدي لاصابته بمرض "عصاب الحرب" الذي يصيب الفرد في موقع الاحداث او عن بعد.. وهذا المرض يصيب الفرد بحالة من الخوف والتوتر بالاضافة إلى اعراض الرعشة في الجسم وقلة النوم. ويوضح الدكتور مدحت اسماعيل استاذ امراض العمود الفقري والعظام بجامعة الازهر ان الافراد الذين يرتفع لديهم الاحساس بالوطنية والشعور بمعاناة الآخرين ويعانون بعض الامراض مثل القولون العصبي وارتفاع ضغط الدم وكذلك أمراض السكر وقرحة المعدة يعانون زيادة اعراض هذه الامراض وتسوء حالتهم نتيجة ما يعيشونه من احداث.. ويدعو د. مدحت المصابين بآلام الغضروف والمفاصل وفقرات العمود الفقري بالابتعاد عن الاستماع او مشاهدة اخبار الحرب ومعاناة الشعب العراقي حتى لا تسوء حالاتهم النفسية.