DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

حرب الكرامة

حرب الكرامة

حرب الكرامة
أخبار متعلقة
 
أقر وأعترف بأن الامر أضحكني في البداية. فبعد نصف يوم من القتال وشارة أولية من المقاومة، شرع المعلقون في الحديث عن خيبة الأمل والمفاجأة. وبعد قتيلين وأربعة أسرى صاروا يتحدثون عن "التورط" وعن ان هذه الحرب لم تجر وفق الخطة. وهذا يبدو مثيرا للسخرية. وفق أي خطة؟ فقد كان واضحا ان أحدا في البنتاغون أو في البيت الابيض لم يفكر بجدية باحتمال خوض حرب بين جيشين هائلين مزودين بالعتاد من دون وقوع اية إصابات، واحتلال أرض من دون اية مقاومة ومن دون المساس بالمدنيين. وبالاجمال فإن ما يجري هو ان الحرب لم تأت وفق الخطة الافتراضية لمعلقي التلفزيون، وأن التكنولوجيا المتطورة تجعل مهمتهم مهمة مسرحية أكثر من عمل صحافي. وقلت لنفسي ان أسرى وقتلى أميركيين، يخربون هذه المسرحية ويلحقون الضرر بمتعة المشاهدين، ولكن هؤلاء لا يحدثون مفاجأة في البنتاغون. والآن أنظر الى وجوه الجنرالات في المؤتمرات الصحافية للبنتاغون، بل ووجه الرئيس بوش نفسه، وأبدأ في الشعور بالخشية من ان حاخامات طاولة الفيديو في الاستوديو على حق. ربما، لا سمح الله، ثمة في واشنطن من ظنوا ان الامور ستسير وفق استعراض مذهل تلتقي في نهايته كل أيادي الممثلين وينحنون أمام الجمهور. ويقول جورج بوش "إننا لا نحارب ضد الشعب العراقي، وإنما ضد نظام القمع العراقي". وهو يسمي هذه الحرب ب"حرية العراق". ويحلم بصوت عال بدولة عراقية ديمقراطية، مزدهرة وتشعر بالامتنان للعم سام. وآمل حتى الآن ولكنني لست واثقا. انه يقول ذلك لأغراض دعائية، وأنه في قرارة نفسه يعرف ان الشعب العراقي قد يكره صدام، ولكنه يكره أميركا أكثر. ومن أجل سلام العالم الحر آمل ان يكون قادة التحالف يفهمون ويأخذون بالحسبان ان الاحتلال الاميركي يشكل إهانة وإذلالا لكل إنسان في العراق، ولكل عربي أينما كان، حتى إن جلبت أميركا معها بعض الحلوى الرائعة لتوزيعها على الاطفال. الكرامة أهم من الحرية إن الشعب العراقي لا يحلم في لياليه بالديمقراطية، وحرية الصحافة وفصل السلطات. إنه يحلم بالكرامة والفخار. ومن المؤكد انه كان سيشعر بالسعادة لو تحرر من السلطة القمعية لصدام، ولكن أميركا تجلب له الحرية عن طريق تحطيم كرامته. والكرامة أهم للإنسان من الحرية. ليس فقط للإنسان الغربي أو الشرقي، بل انه داخل الثقافة الغربية والأميركية تعتبر الحرية حاجة أساسية جدا، فقط لأن الكرامة لم تعد مهددة. وكرامة الثقافة الغربية والأمة الاميركية باتت بديهية. وإذا أهان أحد كرامة أميركا، فإنها ستقاتل ضده وهي معصوبة العينين. بالضبط كما يقاتل العراقيون المستعبدون من صدام الآن ضد محرريهم المفترضين. وبتفكير آخر، فإن هذا هو ربما ما جرى على الارض. ربما اننا فككنا ألغاز كل القصة. ففي الحادي عشر من ايلول، كما في بيرل هاربور، ثمة من أهان الكرامة الاميركية. صحيح ان مخربي القاعدة لم يعرضوا للخطر الحقيقي "نمط الحياة الاميركي" وإنما ألحقوا الضرر بالكرامة الاميركية. ومن الجائز ان عبارة "نمط الحياة الاميركي" هي الصيغة الملطفة، والطريقة الغربية للحديث عن الكرامة الوطنية من دون تسمية الاشياء بأسمائها، وعمليا فإن "نمط الحياة الاميركي" هي العبارة التوأم لـ "الكرامة العربية". ومن الجائز بسبب حقيقة انه ليس معهودا في أميركا الحديث صراحة عن الكرامة، ارتكب جورج بوش خطأ تكتيكيا عندما لم يأخذ في الحسبان انه يمس بشكل شديد بالكرامة العراقية. ومن الجائز ان الحرب تدور الآن حول مسألة أي من الطرفين اقترف خطأ أكبر. وإذا شئتم، فإن الحرب تدور حول مسألة من لديه كرامة أكبر. هيا نتحدث إنني أدرك حقيقة ان هذا التوصيف مصاغ بلغة ثقافية شرقية، ولذلك قد يثير سخرية لدى أبناء الثقافة الغربية. ومن الجائز ان أحدا من القراء يمكن ان يفكر أنني أسخر هنا من الحرب وأميركا. والحقيقة ان الامر ليس كذلك. إنني أعتقد انه في كل ما يتعلق بالكرامة، فإن الفارق بين الثقافات هو فارق في الاسلوب والشكل، لا في الجوهر. والشرق يتحدث عن الكرامة بشكل صريح في الوقت الذي وضع الغرب هذا الموضوع تحت الطاولة ويغطيه بستار الحرية والقيم ونمط الحياة. وعندما يرغب في استخدام كلمات فظة فإنه قادر على التفكير في المصالح والنفط لا على الكرامة. ولكن لكل شخص مهما كان، حاجة أساسية وهي الكرامة، وهي تتقدم على المصالح وعلى الحريات والقيم. وأميركا تحارب اليوم من أجل كرامتها. والكرامة أمر يستحق المحاربة من أجله، وأنا أدعو من أجل انتصار أميركا. وبعد النصر، إذا ما أردتم عالما أفضل، ينبغي الحديث عن ذلك بصراحة عن كرامة أميركا وعن الكرامة العربية. يديعوت احرنوت