المعارضة العراقية.. دور منتظر الافتراضات المجهولة ثلاثة محاور وتقاطعات في هذه الحرب، المعارضة العراقية والنظام العراقي والشارع السياسي العربي، اما المحور الاساسي الذي تلتقي عنده هذه المحاور، فهو الولايات المتحدة وبريطانيا، ممثلا في محور التحالف الذي يشكل الفاعل المحرك لهذا الحدث. المعارضة العراقية وجدت نفسها في خضم حركة كبيرة ومعركة اكبر من ان تلعب دوراً عسكرياً.. اقول عسكرياً وليس سياسياً، وبالتالي اقدمت الولايات المتحدة على وضع خيارات امام المعارضة، إما ان تنشط على مسئوليتها أو انها تفضل ان تبقى قوى المعارضة والقوى الشعبية العراقية في منازلها حفاظا على سلامة الارواح البشرية خاصة ان هناك فرق اعدام في الشوارع ترصد وتراقب كل من يتحرك او يُشك في ولائه وبالتالي كان امام المعارضة خيار الخروج او البقاء في المنازل ومن هنا وجدنا موقف وحالة الانتظار والترقب هذه التي تريد ان تشعر بعدم عزلتها في المعركة ومن هنا اختارت المعارضة ان تتخندق في الظل حفاظاً على سلامتها بعد تجربة انتفاضة النجف - كربلاء. اما محور النظام العراقي فهو الآن في وضعية يمكن مقارنتها بمن يقف بين المطرقة والسندان، فهو يريد حشد الشعب العراقي معه في مواجهة التحالف الامريكي البريطاني الكردي، وهو من جهة اخرى يخشي من المراهنة على الشعب العراقي في الداخل لاعتقاده ان هناك علاقة دموية على مدى ثلاثين سنة مضت بين الشعب العراقي في غالبيته وبين السلطة السياسية ومن هنا لا يمكن المراهنة على هذه الغالبية التي فعلا هي واقعة بين سلاحي القصف الامريكي والتهديد من قبل فرق الاعدام الرسمية. المحور الثالث في هذه الحرب هو الشارع السياسي العربي الذي يمثل فعلا علاقة ما بين الوعي والوجدان وما بين العقل والقلب وهناك امثلة اخرى يمكن ان تدل على الشارع والوعي المفقود فيه عندما نذهب الى ابعد من الشارع العربي الي الشارع الفلبيني والجماهير في الفلبين التي لا تعرف في غالبيتها من هي رئيسة حكومتهم ومع ذلك تهتف للرئيس العراقي وتحمل صوره.. ما الثمن او المحرك لهذا الشارع؟! عموماً، عودة الى الشارع السياسي العربي نجد ان ثمة خلافاً في تقييم المحرك لهذا الشارع ودخلت على هذا المحرك عدة عناصر من بينها الفضائيات العربية التي انخرطت في تأليب الجماهير من حيث رسم صورة وردية للنتائج وهي نفسها التي ستتحمل المسئولية فيما بعد عندما تأتي النتائج اشبه بما كانت عليه عشية انتهاء حرب يونيو 67 ولم يتعلم الاعلام العربي بالرغم من تكنولوجيته المتطورة كيف يعدل خطابه الاخباري. انا لست هنا ضد مسألة التضامن بين هذا الاعلام وقضايا الامة ولست ضد انحياز الاعلام للمشاعر الوطنية فحتى في الدول الصناعية هناك مثل هذا الانحياز، الا انه يأخذ اسلوب الفجاجة في تسويق الاحداث واعضائها صيغة خطابية فمن شأن ذلك ان يشحن الشارع بالآمال ثم يصدمها وهذا وحده قد يسبب اوجاعاً وخيبات امل واحباطات للانسان العربي الذي بلغ به الاحباط عبر العقود الماضية ما جعله اسيرا لهذه الحالة الافتراضية للتغيير ولكنه التغيير المعاكس وهو ضد التيار مما يجعلنا نستغرب ممن يقف في هذه الفضائيات وراء هذا التعمد. هناك افتراضان مطروحان امام حركة الشارع السياسي العربي افتراض ان يقبل بالنتائج ويتحمل في ذلك آلاماً وجدانية ولكنه على المدى البعيد سوف يقدر على تجاوز ذلك واستمرار تنامي الوعي مما يؤهله لان يستوعب المتغيرات في العالم وينخرط في تغيير مساره الى مسار ديمقراطي وتنموي وبناء نظامه السياسي الجديد، واما الانكفاء على الخطاب السياسي القديم وعدم رؤية الفرق بين الديمقراطية وحقوق الانسان والحرية وبين الانظمة الشمولية وهنا سوف يعاني الكثير. اما الحرب التي تقودها الولايات المتحدة باعتبارها المحور الاساسي هنا فهي لا خلاف على عدم انسانيتها وعدم حضاريتها من حيث اسقاط كل هذا الدمار فوق رؤوس البشر خصوصا عندما لا تميز هذه الاسلحة الفتاكة في بعض الاحيان بين الاهداف العسكرية والاطفال والشيوخ مثلما حدث للاسرة العراقية في محيط النجف.. الا ان العامل هنا المحرك في احداث التغيير هو العامل الاساسي الذي يمثل القوة الامريكية فإلى اي مدى يمكن توظيف هذا العامل ليكون على خط المعارضة العراقية ومدى قدرة التناغم بين البديل السياسي في العراق والاستراتيجية الامريكية؟ كل هذه التساؤلات مرهونة بما تحمله الايام القادمة التي تؤكد المؤشرات ان دور المعارضة المستتر حتى الان سوف يبرز على صعيد الامساك بطرف الاستراتيجية الامريكية.. لكن الى اي حد؟
عن جريدة الأيام البحرينية