أصادف أحيانا كثيرة أناسا يسهبون في الحديث عن الحالة التي وصلت اليها صحافتنا الشعبية وأجدهم في أقصى حالات التذمر من مستوى تعامل القائمين عليها مع الآخرين خاصة مع من هم في بداية رحلتهم مع القلم حيث يقولون إنهم يعانون من التهميش المتعمد من محرري الصفحات بشكل يجعلهم يشعرون بأن هناك ظلما وقع عليهم وأن هناك من يقف حجر عثرة في طريق تقدمهم نحو مواقع النشر في الصحف والمجلات وتحقيق طموحاتهم الأدبية التي يسعون لتحقيقها بفضل ما لديهم من مواهب سواء أكانت في الشعر أو في الكتابة . أجد نفسي متعاطفا بشكل كامل مع هؤلاء للوهلة الأولى ولكن سرعان ما أتراجع عن تعاطفي هذا وأتحول الى ناقم عليهم بمجرد أن أعرف أن حديثهم لم يكن سوى نقل لآراء آخرين بمعنى أنهم لم يتعرضوا في واقع الأمر الى تجارب شخصية مماثلة جعلتهم ينظرون للواقع بهذا المنظور ويصدرون أحكامهم بناء عليها ولم يحاولوا أصلا طرق الأبواب الموصلة للنشر. وربما يكون من نقلت عنهم هذه الآراء بعيدين عن الصدق وربما كانوا صادقين. ولكن عند تتبع تردي العلاقة بينهم وبين منابر النشر نجد أنهم هم المتسببون في ايصاد الأبواب في وجوههم لسبب أو لآخر . وأنا هنا لا أنفي أن هناك فئة من المحررين والصحفيين أسهموا بشكل مباشر في تعميم هذه النظرة بسبب أساليبهم الملتوية في التعامل وتهميش المبتدئين، ومنظورهم اللاأدبي لمعايير النشر. ولكن أيضا هناك من المبتدئين من لم يطرق الأبواب بشكل جاد لايصال ما لديه بل ظل يتحدث ويتذمر كغيره عن بُعد متناسيا أن للتواصل دورا مهما في تحقيق الطموحات وابراز الأسماء التي تستحق ذلك بفضل ما تقدم وليس لشهرة أو أي عامل آخر . ان التفكير بهذه السلبية لدى البعض يولد ما يسمى بعقدة النشر والعداء للصحافة الشعبية والسعي لمحاربتها بشتى الصور بدون طائل .
