عزيزي رئيس التحرير
تزدهر الأوطان وتنمو وتتطور بعقول أبنائها واخلاصهم الذي لا يجب أن يكون محل شك، في المجتمعات الديناميكية المتقدمة تتعدد الأفكار وتتباين وجهات النظر، وهذا التعدد والتباين أمر صحي وهو الذي يدفع المجتمع للخروج من بوتقة التجمد إلى الرقي والسعي دائما إلى الأفضل، قد نختلف في الوسائل وهذا أمر طبيعي، وقد تتباين وجهات نظرنا وهو أيضا شيء مطلوب ولا بد منه وموجود في كل المجتمعات البشرية الراقية وفيه كل الخير للمجتمع. في احدى المناسبات الوطنية التنموية، التي نفتخر ونعتز بها، قدم أحد المسئولين شرحا مبسطا لولي الأمر حول الاستراتيجيات التي سلكها هذا المسؤول بهدف تخفيض تكلفة انتاج المياه، وتتلخص في ثلاث استراتيجيات وهي: زيادة حجم الوحدة، تأمين قطع الغيار مباشرة من مصنعيها، تخفيض جرعات حقن المواد الكيماوية (من 12 جزءا في المليون الى جزء في المليون) بخلاف ما يوصي به المصنع أو المصمم للوحدة، وكانت نتيجة لذلك تخفيض ميزانية المنتج من حوالي 6000 مليون ريال الى حوالي 1200 مليون ريال تقريبا أي أن التخفيض في الميزانية وصل الى ما يقارب 80% وهذه نسبة لافتة للنظر وتثير اعجاب غير المتخصص، وقد تثير الشكوك في غياب التفاصيل، كما تثير جوا عاصفا من التساؤلات، حيث أن للأرقام دلالة واضحة التي قد لا يفهمها إلا المتخصص، والحكمة في استخدام وشرح الأرقام ليس تفسير الأحلام بل الوصول الى مدلولها الحقيقي واستنباط جمل مفيدة تصف الواقع وتقرر الحقيقة من متخصص في مجاله، يمكن بسهولة لي رقبة الأرقام والكذب بالاحصاءات، إن عدم استخدام نسبة الخصم في التقييم المالي (أي قيمة الزمن وتأثيره على استخدام الأموال) يعكس هرم نتائج الدراسة رأسا على عقب وعلى ذلك يمكن قياس أمور كثيرة. ولست هنا بصدد مناقشة ما جاء في العرض أو الشرح لأنه لم تتح لي فرصة الإطلاع على تفاصيل هذه الاستراتيجيات، ولكن أرى أنه من حق المجتمع على هذا المسؤول اطلاعه على تفاصيل هذه الاستراتيجيات ونشرها، ليتسنى الاستفادة منها في الأجهزة الأخرى للدولة، اذا ثبت أنها دراسة مبنية على أسس اقتصادية ومنهجية علمية متبعة ومعترف بها، ولم يتأثر العمر الزمني الافتراضي للوحدة، ومحكمة من الناحية الطبية من جهات متخصصة في هذا المجال وذلك بالنسبة لتخفيض جرعات حقن الكيماويات لأن هذا المنتج يستهلكه جميع أفراد المجتمع صغيرا وكبيرا وأثر ذلك قد لا يبين إلا بعد جيل من الزمن.
مهندس ـ صالح بن محمد علي بطيش
