شاهدت برنامجا في القناة الألمانية تضمن حوارات مع أطفال المدارس بعمر (9) سنوات فأكبر، يعني طلاب المدارس الابتدائية، وشدتني التلقائية التي اجاب بها الأطفال عن مشاعرهم تجاه الحرب على العراق، قال أحدهم إن هذه الحرب تخيفني وتفزعني، وتسبب لي الكوابيس ولاتجعلنى أنام، وقال آخر: ان الموت ينهي السعادة، واستفسر ثالث قائلا: لماذا يقتل الأبرياء؟ أطفال يعبرون عن آرائهم ومشاعرهم وافكارهم بكل صراحة ووضوح وعفوية، وهذه إحدى خصائص المجتمع الغربي في التعامل مع الأمور، وهو الأسلوب الذي يجعلهم أكثر كفاءة في مواجهة الأزمات، سواء على المستوى الفردي أو الجماعي.
أما نحن العرب فلا شفافية.. ولا تلقائية في التعبير عن وجهات النظر وكأننا كلنا نسخ متماثلة لها صوت واحد وشكل واحد.
كما تناولت مجلة (النيوزويك) أهمية مناقشة موضوع الحرب في المدارس وتنوير أطفالهم بالأهداف الأمريكية النبيلة في الحرب لتحرير العراق، في محاولة لتسويق فكرة الشرطي الأمريكي القادر على انقاذ الشعوب من التخلف والتبعية.
طبعا لا مجال للمقارنة ولا أظن ان موضوع الحرب بأكمله تم ادماجه في أجندة وزارة المعارف أو وزارة التعليم العالي، وتشجيع مناقشته مع الطلبة باختلاف مستوياتهم، بل إنه من المحبذ عدم طرح الموضوع أصلا حتى لا يثير اختلافات في الرأي لم تعتدها العقلية العربية ولا تعرف كيف تتعامل معها، ان الهروب من مواجهة الواقع أسلوب متخلف للتعامل مع الأزمات وهذا مما يجعلنا نراوح مكاننا. بل ونتراجع للوراء بخطى حثيثة.
احدى التربويات سألتها ابنتها الطالبة الجامعية قائلة: عندما اعتدى العراق على الكويت، وقف العالم كله مع الكويت بما فيهم الدول العربية، وبقرار من الأمم المتحدة تم اخراج العراق من الكويت. الآن العراق لم تعتد على جيرانه.. ولا يهدد أمريكا.. وليس هناك قرار حرب من الأمم المتحدة.. فلماذا لا يقف العالم مع الشعب العراقي كما وقفوا مع الكويت؟
تقول الأم: لم أستطع أن أجيب ابنتي عن سؤالها.. لأنني أنا نفسي في حيرة وأريد اجابة مقنعة لهذا السؤال؟
ترى.. من نحن.. وأين نحن؟
