أخبار متعلقة
لم يكن معسكر (الثعلب) الواقع في الصحراء الكويتية مجرد خيام بقدر ما كان معسكرا متكاملا من كل الجوانب الحياتية ملاعب ترفيهية وورش صيانة إلكترونية متكاملة. إنه واحد من المعسكرات المهمة التي قامت وحدات المرينز الأمريكية بتأسيسها في الشمال الكويتي تبعد عن المطلاع - الحدود الكويتية - العراقية - مسافات داخل الصحراء ودليلها والوحيد لم يكن السيرجنت بوب سونجر (مسؤول المعسكر) بل كانت بوصلة (الهمر) وهي السيارة العسكرية الأمريكية التي قاموا باصطحابنا داخلها حيث كان موعد الصحفيين في زيارة المعسكر الذي قمنا بالتسجيل لطلب هذه الزيارة وقت وصولنا للكويت في الخامس من شهر مارس وتم تقرير الزيارة بعد ذلك بعشرة أيام. الاحد 16 مارس ويبدو أن كثرة الصحفيين الذين يطلبون الذهاب لزيارة المعسكر هم الوفود الأجنبية وتحديدا الفضائيات الخاصة منها والعامة. فالأولوية لهم في ذلك ونأتي نحن أصحاب القلم والعدسات بعد ذلك بكثير.
وحينما تقررت زيارة معسكر الثعلب FOX في الصحراء الكويتية جاء بموافقة القيادات العسكرية للمعسكر. وكانت الهايمر الكاكية صاحبة البوصلة التي حملتنا مع مجموعة من الصحفيين الكويتيين وكذلك بعض القنوات العربية والألمانية.. لم تكن الرحلة مريحة فالهايمر عسكرية وليست ترفيهية لهذا كان علينا أن نتحمل طريقة الحفاظ على عدساتنا وأوراقنا وأن نكون حذرين في طريقة التعامل خصوصا وأن المرافقة الرقيب ماري سول من ولاية تكساس هي التي تحدد ماذا علينا أن نفعل وبطريقة عسكرية تتيح لنا التصوير أو عدم السماح بالتصوير - رغم إبتسامتها مع كل حرف ولكنك تشعر بأن هذه الإبتسامة عسكرية وجادة.
وحينما طال الطريق وشعرنا بحالة من التوهان داخل الصحراء قال أحدهم يبدو أننا سوف نصل إلى العراق قبل أن نصل للمعسكر.. لكن قائد الهايمر الذي كان قلقا نوعا ما وينظر إلى بوصلته إبتسم أخيرا ليقول"هانحن في طريقنا الصحيح الآن" وبعد نصف ساعة من حديثه تمكنا من الوصول إلى أطراف المعسكر الذي تشابه مع الرمال في صحراء الخليج التي إعتادت على إبتلاع كل المرايا وإنكسار كل أشكال السراب بداخلها.. ربما الدليل البدوي سوف يتوه لو حاول الوصول للمعسكر الذي يستقبله من الوهلة الأولي نبيح الكلاب وتجد الحركة داخل المعسكر على قدم وساق. وتشعر حينها بأن الحرب ستقوم غدا أو ربما بعد ساعات من الآن.
الكل يستعد والكل يتحرك بطريقة مرتبة ومنظمة وكأنهم ضمن بوصلة الزمن ساعة تدق في أجراس اللحظات الغائبة في سهول الخليج.
في معسكر فوكس الذي لا يبتعد كثيرا عن الحدود العراقية قالت ماري بأن هذا المعسكر تم إنشاؤه منذ شهرين ونصف من الآن - ونحن نتحدث عن الأحد 16/3/2003م- وشرحت قليلا عن المخيم حيث يحتوي على 70 خيمة مختلفة الأحجام ويضم معدات عسكرية أرضية وجوية مختلفة وكذلك قسم خاص لمواجهة الأسلحة الكيماوية والبيولوجية كما يوجد به قسما خاصا بالصيانة الأتصالات وبه ناد رياضي ومهبط للطائرات.
واضافت ماري بأن وحدات المارينز الأمريكية حفرت خنادق هنا وتقوم بصيانة الآليات العسكرية ووضع مضادات وإستحكامات خاصة لتفادي الصواريخ العراقية إذا ما أطلقت كما أن المعسكر مراقب بواسطة المروحيات (الأباتشي).. هكذا تشرح لنا ماري وتقول لنا يمكنكم تصوير هذا المكان والتقطوا هذه الصورة - الكلاب وهي تتدرب - فتساءلنا لماذا الكلاب في المعسكر هل هي للحراسة ؟ فجاء صوت الضابطة ديترز بابتسامة ربما (رجولية) إنها كلاب مدربة ومطيعة ودورها الكشف عن الأسلحة والمتفجرات في التقدم العسكري عندما تبدأ الحرب البرية وحول عددها قالت بأنها مسؤولة عن ثمانية كلاب في هذا المعسكر ويبلغ ثمن الكلب الواحد منها ما بين 40 إلى 60 الف دولار- وعبرت ديترز عن حبها للكلاب لأنها "مطيعة ولا تعرف النميمة مثل البشر" ولهذا هي متعلقة بالكلاب أكثر من أي شئ أخر.
وفي استكمال التجوال مع ماري التي لاحظت استلطافنا لوجود المجندات في المعسكر قالت " المجندات يعملن في كل شئ في المعسكر - لكن ليس كالرجال لأنهم يعملون أكثر .. المجندة تعمل في التطبيب والجراحة والتدريب والصيانة وتنظيف المعسكر لكننا نمنع الاختلاط في المعسكر - وكأن ماري قرأت ما يجول بخاطرنا - في النوم كل ينام في خيام مخصصة وكذلك بالنسبة إلى دورات المياه كل على حدة.
@ أما سيندي ديمر - الشقراء من أوهايو تقول لقد إلتحقت للعمل في الجيش كي أستطيع تأمين نفسي ماليا والآن أنا هنا في الكويت وفخورة بعملي لأنني أتصدي للأرهاب من خلال الإنتماء للوطن وذلك بعد أحداث 11 سبتمبر جعلني أتمسك أكثر بعملي ولا أشعر بأنه مجرد للمال وهذا ما شجعني والدي عليه. لكنها تضيف بأن أمي كثيرة القلق علي وأنا مشتاقة لأختي دورا وحول الطقس في الكويت والصحراء قالت صحراؤكم تشبه كاليفورنيا، وهذا ما يجعلني أستهلك الكثير من الكريمات الخاصة بالبشرة ، لكننا لسنا مثل نساء الكويت نستهلك الكثير من مستحضرات التجميل. وأشارت إلي حقيبتها قائلة بأنها تحتوي على المستلزمات الخاصة بالمجندة (قناع مضاد للكيماوي - وأسلحة خفيفة يصل وزنها إلى 30 كيلو جراما وهي تضعها على كتفها أينما ذهبت. هذه هي التعليمات.
@ دوغوا انجو - من بورتوريكو - ساعي بريد في المعسكر ويقول بأنه سعيد بعمله في المعسكر فالرفقة جميلة هنا - رغم كرهي الشديد للغبار حينما يأتي فأنا لم أتعود عليه - أنجو القادم قبل شهر إلى المعسكر يقول اشتقت إلى أمي كثيرا وأنا أتواصل معها عبر الإنترنت. كما يقول بأنه لم يشاهد العاصمة الكويتية بعد ويتمني زيارتها إذا جاءت فرصة لذلك.
@ آدم ماجول من مدينة بلمور بأمريكا يقول : وصلت للكويت في بداية الشهر وجو الكويت قريب من الجو في بلمور ومتشابه من ناحية الغبار والأتربة وكذلك العواصف الرملية التي بين الحين والآخر. وحول هوايته المفضلة يقول بأنها البيسبول - فأنا لاعب ماهر.
@ بوب سونجر - مسؤول المعسكر والذي بدا في حديثه مثقفا ويعي تقارب الحضارات ويقول بأنه قرأ كثيرا لكتاب عرب ترجمت كتبهم إلى الإنكليزية ويؤكد أننا مستعدون لتنفيذ الأوامر والمهمات التي توكل لنا من قبل القيادات العليا في الجيش وليس لنا دخل بالسياسة. ويؤكد على أن الأجواء والعواصف الرملية لا تهم كثيرا جنود المارينز المارينز مدربون على كل الأجواء بما يتناسب مع جميع المتغيرات الجوية - ولن تهمنا كثيرا طالت الحرب أم قصرت - المهم أن ننجح في المهمة التي أوكلت لنا.
في معسكر فوكس تجد الجميع يتحد برؤية واحدة ويتفق في العمل وكأنها الساعة التي تتحرك فكل يعمل وفي قسم الصيانة نجد برانت مودارد مسؤول الصيانة يعمل في بعض الآلات التي عطبت قبل الحرب ويقول بأن هناك وحدات من الصيانة سوف ترافق المعارك بشكل سريع والصيانة الأساسية ستكون هنا في المعسكر. نحن مجهزون بكل ما نحتاجه من قطع الغيار الخاصة بالآليات التي نستخدمها. لعل زيارة المعسكر التي لم تأخذ من الوقت أكثر من ساعتين والطريق في الوصول للمعسكر أطول من البقاء رغم كرم سونجر الذي أصر على تناول الوجبة داخل المعسكر ولكن بدون رفقة من المجندات الشقراوات كي نستطيع التهام الرمال مع الوجبات الخفيفة التي قدمت لنا وفضلنا أن نتناولها في الهايمر خوفا من رحيل الشمس وعطل يصيب بوصلة السائق فنتوه في صحراء لا نجد طريقا لنا غير الدوران في رمال الجميع.
جوانب من معسكر فوكس و الرقيب ماري سول تتحدث لـ "اليوم" عن المعسكر
ديترز ولحظة الاستعداد و ديترز وعرض للكلاب العسكرية و لحظة تجميع البيانات في المعسكر