بيوت وحجارة مبعثرة في صحراء خالية.. الغبار وأتربة الصحراء حولت تلك الوجوه التي تبحث عن شئ يسد رمقها وعن ماء وعدوهم به.. ولكن الصوت القادم من بعيد بنقمة على الإعلاميين الذين يتوافدون بكاميراتهم وعدساتهم لالتقاط بعض من الصور وإجراء لقاءات مع أهالي صفوان، بعد أيام من القصف وأيام من التجويع خلال الحصار الذي سبق السيطرة على الميناء..
الوفد الإعلامي الذي وصل إلى صفوان برفقة من وزارة الإعلام الكويتية كان حذرا من أي طارئ يمكن حدوثه فالمنطقة في الداخل ليست آمنة بعد. وهذا ما حصل مع أحد مصوري القنوات الأجنبية حيث حاول رصد المشاعر الخاصة بأهالي صفوان بعد استقرارهم مع قوات التحالف فجاءته ضربة من قبل مواطنة عراقية تصرخ في وجهه : نحن لسنا جوعى مثلما تقولون نحن نريد الكهرباء والماء ونريد أن نعيش بسلام .. اتركونا في حالنا..
لم يستطع أحد الصحفيين رصد تلك المشاعر الغاضبة التي كانت تعيش بداخل أهالي صفوان خصوصا من وسائل الإعلام الغربية ولكنهم تعاملوا معنا بشكل - ربما- أفضل فقال أحدهم : لم نتسلم المعونات بالشكل الذي توقعناه بعد ويضيف لا نريد المعونات بقدر ما نريد الماء فهناك أطفال تجوع وهناك أمهات تبحث عن حليب لاطفالها.. لماذا صورتمونا بهذا الشكل في وسائلكم باننا متسولون وننتظر الفرج.. الوضع لا زال على ماهو عليه ولعله كان قبل وجودكم أفضل من الآن.
وآخر رفض الحديث بحثا عن صناديق المساعدات التي تحتوي على المياه المعدنية.. وآخر صرخ قائلا ملينا من الحرب نريد أن نعيش مثل البشر وتساءل آخر ماذا بعد المساعدات .. هل تملكون إجابة على سؤالي.. وضحك موليا ظهره لعربات مزدحمة بالكراتين الفارغة بعد أن حصل على ما يريد من غذاء.
بعض الصحفيين الكويتيين قال يبدو أن أهالي صفوان لا زالوا يخافون من حرس النظام لهذا لم يتكلموا كثيرا أما موفد قناة أبو ظبي فقد أكد على أن هذا هو الوضع الطبيعي فهم ناقمون على كل نوع من المساعدات التي تأتي بشكل تشعرهم بأنهم ضعاف وأنهم جياع فقط.. الشعب العراقي له حضارته ومكانته ولا يقبل أن تهان انسانيته بهذه الطريقة.