عندما تكون طرفا في الحرب، كأن تكون عربيا أو مسلما أو إنسانا حرا، وذلك ما ينطبق على الحرب العدوانية التي تشنها الولايات المتحدة وبريطانيا على العراق، فهل يكون من حقك وحق غيرك النقاش حول تعدد أسباب وأهداف وتبعات هذه الحرب؟ تتبع مشروعية هذا التساؤل مما يحيط بمجريات هذه الحرب من تعقيدات سواء على مستوى المقدمات أو على مستوى النتائج، من المشروع التساؤل والقول مثلا: ألا تكفي تلك المعطيات النظرية الأولية ذات الإفتراء الصارخ وما أوصلت إليه تلك المبررات البائسة من قتل ودمار على أرض الواقع لحسم النقاش والإدانة الواضحة والصريحة للمعتدين وعدم الدخول في متاهات آلة الحرب الإعلامية؟ إذا كان العراقيون وحدهم ومن بين إشلاء قتلاهم وتحت أزيز طائرات وصواريخ الدمار الشامل لا يملكون سوى هذا الخيار النبيل والشجاع وسط ركام عذاباتهم (مع وجود استثناءات هائلة) فإن من حق أقرب الناس إليهم ممن وجدوا أنفسهم مسمرين عنوة أمام شاشات الفضائيات، من حق هؤلاء ليس فقط ان يناقشوا بل يختارون.. صحيح انه وعبر التاريخ عندما تنشب المعركة بين معسكري الخير والشر يكون على كل واحد إختيار متراسة، لكن المتراس قد لا يكون مباشرا، ومع إزدياد نفوذ الإعلام في عصرنا الراهن يلعب الإعلاميون أينما كانوا دورا مهما قد لا يصل إلى التأثير المباشر على سير الحرب لكنه بالتأكيد سيلعب دورا محوريا في توجهات تبعات ما بعد الحرب سلبا أو أيجابا لمصلحة أكثرية الشعوب أو لمصلحة تجار الحروب، إن مشروعية الجدل حول مشروعية الحرب لا تخص في هذه الظروف العصيبة مناقشة ما تضخه آلة الحرب الإعلامية المعتدية من تبريرات فجة ولئيمة بل مشروعية مناقشة ما تضخه اشلاء إعلام النظام العربي بأسره والمرتبطين بهذا النظام بشكل مباشر أو عن حسن نية، لقد وصل إعلام آلة الحرب إلى مستوى من الفجاجة والإستغباء لم تعد تنطلي أهدفه على فهم الإنسان العادي، لذلك يمكن القول وبدون مبالغة بان هذا الإعلام لا يشكل خطرا كبيرا وبخاصة في جوانبه السياسية والأخلاقية ان الخطر الحقيقي هو في هذا النوع من الإعلام العربي الذي بدأ يظهر مع تطور المقاومة المشروعة والبطلة للشعب العراقي مقاومة وبطولة يراد لها هزيمة الجيش الأمريكي البريطاني بغض النظر عن اية معايير للقوى العسكرية. هذا النوع من الإعلام والإعلاميين ليس غريبا على المنطقة وشعوبها هم أنفسهم الذين كانوا يبشرون بأسوأ مافي تجربة هذا النظام العربي عبر نضالاته في الحقبة الماضية، وهم نفسهم الذين انقضوا على أنبل ما في تجربة الشعوب العربية من انجازات وهم الذين سيدشنون لا سمح الله مرحلة الاستهزاء بما يروجون له اليوم من وعود قد لا تحدث، بالطبع سيلقون كعادتهم باللائمة في أسباب خيبات الأمل على الانظمة وعلى الشارع العربي، والأنسان العربي، هل سمعت أحدا من هؤلاء يقول إنه ليس ضد صدام حسين؟ انهم يعدون عدتهم معتمدين على ان ضحايا الحرب اي حرب هي الحقيقة.