القلب كالماء والأهواء طافية
عليه مثل حباب الماء في الماء
هذا ما قاله أبو العلاء المعري، وهو يختصر التعبير عن مشكلة الإنسان الدائمة، وهي أن قلبه غير مستقر، إنه مثل الماء إذا استقر اسن وتحول إلى طين، وان الرغبات تتناسل عليه مثل الحباب، ونحن نعرف ان طبيعة الحباب التولد بسرعة والانطفاء بسرعة، ثم التولد والانطفاء.
يقول أحدهم:(التاريخ يثبت أن الانسان لا يمكن ان يحقق ما يريد، حتى عندما يتصور انه حقق ما يريد، فهذه حالة توازن مؤقتة، إذ سرعان ما يختل التوازن بوجود رغبات جديدة، فليست هناك حاجة نهائية لأن أهداف الإنسان دائما متنوعة ومتناقضة).
ليست هذه حالة الأفراد فقط، بل إنها واضحة في سلوك الشعوب والأمم: فالأمة الحية هي الأمة التي تحقق أهدافها ثم ترسم أهدافا جديدة أخرى تسعى إلى تحقيقها دون توقف، أما الأمة الواقفة على هدف واحد، فهي أمة واقـفة عـلى طـلل تجدد الأهداف".
هذا ما وضعه احد المؤرخين الكبار معيارا لتقدم الأمم، لأن الأمة حينما تجدد أهدافها تجدد نفسها وتجدد طبيعة الحياة من حولها وتخلق آفاقا واسعة للرؤية وتحليق الروح.
المعري كان ينظر الى زاوية فردية، الى جزء من حالات الحياة.. اما الرؤية الحديثة فهي تطرح هذه المسألة كإشكالية عامة ودائمة للأفراد، وللأمم.
لا حياة سوية مزدهرة لأمة لا تجدد أهدافها بعد ان تحقق الأهداف السابقة، وإذا نظرنا إلى الأمة العربية، تحت هذا الضوء، ماذا نرى؟
نرى أنها ليست عاجزة فقط عن رسم أهداف جديدة، بل هي، منذ القرن التاسع عشر حتى الآن عاجزة عن تحقيق أي هدف ينقل الحياة من مجراها الراكد إلى مجرى يتدفق بقوة نحو آفاق المستقبل.
هل يستمر هذا الوضع؟
أجب أنت
