قرأ الدكتور معجب الزهراني مؤخرا ورقة ناقش فيها حوارية النص في تجربة أبي دهمان الروائية من منظور أن الترجمة حوار بين نصين وتأمل علاقات التفاعل بين اللغتين العربية والفرنسية في رواية الحزام محاولا إثبات أن النص العربي كان حاضرا في رواية الحزام الفرنسية. ويقدم الدكتور الزهراني معلومة يراها مهمة في هذا السياق مفادها أن أحمد أبو دهمان عاش طفولته في قرية معزولة عن العالم. في جنوب الجزيرة العربية وحينما قرر الدراسة في فرنسا سافر وهو في الثلاثينيات من عمره وبعد مضي عشرين عاما كتب الحزام وهي العمل الإبداعي الأول الذي ينشر له سواء بالعربية أو الفرنسية وأهمية هذه المعلومة تكمن في عجز الإنسان عن ترجمة ذاته بشكل عميق من دون استخدام لغته الأم. وحضور النص العربي في ذهن أبي دهمان تؤكده القصص والحكايات التي تسردها الرواية والتي تميل إلى مرحلة الطفولة عند أبي دهمان. وهي المرحلة التي يستبعد أن تكون الفرنسية قد خالطت تفكيره بعكس المترجمين المغاربة لأن الفرنسية أصبحت عندهم بمثابة اللغة الأم كونهم تعلموها في مراحل مبكرة من حياتهم. ويكشف الدكتور الزهراني عن أثر اللغة الأم لأبي دهمان في النسخة الفرنسية مستشهدا بالسطر الأول من الفقرة الأولى من الرواية التي تقول (فهكذا علمتني القرية بأني أحمد بن سعد بن...) لتكرر كلمة (بن) ثماني عشرة مرة مما يثبت كما يرى الدكتور الاثر القوى البارز للغة العربية عند ابي دهمان لان الثقافة الفرنسية لا تعرف كلمة (بن) كما أن الفرنسيين لم يتعودوا أن ينسب الإنسان نفسه بهذا الشكل. جانب آخر يرى فيه الدكتور معجب تأكيدا على حضور عربية أبي دهمان هو أسماء شخوص الرواية مثل (أحمد, محمد,...) فهي لا تنطق بالفرنسية بشكل صحيح ولا يمكن نقلها إليها فبقيت معلقة بين اللغتين. ويذكر الدكتور معجب الزهراني أن من المهم جدا أن تقرأ رواية (الحزام) في الثقافة المحلية في سياق الرواية الجديدة التي ظهرت خلال عقد التسعينيات الميلادية من خلال مغامرات روائية جديدة كما هو الحال عند رجاء عالم وليلى الجهني ونورة الغامدي ترتكز على حكايات وأخبار لم يألفعا المجتمع المحلي (والحزام) جزء من هذه السردية الجديدة مع أنها لم تحظ بالعودة المشروعة إلى النص الأصلي. بقي أن نشير إلى أن جدلا أثير حول الأسباب التي دعت أبا دهمان إلى أن يترجم بنفسه رواية الحزام. وقد زعم البعض أن أبا دهمان حاول أن يخفي شيئا من النص الفرنسي لا يتلاءم مع المجتمع المحلي المحافظ.