DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

المعجزة الاقتصادية الصينية

المعجزة الاقتصادية الصينية

المعجزة الاقتصادية الصينية
أخبار متعلقة
 
تبدو الصين من الناحية الاقتصادية وكأنها تعيش على كوكب آخر. ففي حين يعصف الركود في اقتصاد العالم كله بحيث لم تنج منه دولة على الاطلاق لا في البلدان المتقدمة ولا في البلدان النامية، يسجل الاقتصاد الصيني وحده معدلات نمو مرتفعة وقد يتجاوز هذا النمو معدل 8% وهو رقم مرتفع جدا في ضوء الارقام التي سجلتها معدلات النمو في البلدان الاخرى التي تراوحت بين الانكماش، أي النمو السلبي ورقم 2%. وقبل البحث في أسباب هذه المعجزة الصينية لا بد اولا من استعراض النتائج التي حققتها الصين جراء حفاظها على معدلات نمو مرتفعة لمدة تزيد على اكثر من ربع قرن بشكل متواصل حيث اكدت احصائيات البنك الدولي ان هذه العملية لم تسفر فقط عن نشوء طبقة وسطى هي الاوسع على النطاق العالمي بل انها اضافة الى ذلك تمكنت من نقل اكثر من 400 مليون انسان من تحت خط الفقر. وأشارت احصائيات اقتصادية منذ الان الى ان الصين باتت الدولة الثالثة على النطاق العالمي من جهة بعض الجوانب الاقتصادية فالاحصائيات الموثوقة التي نشرت مؤخرا اشارت الى ان اسواق الصين المالية عرفت في السنوات القليلة الماضية معدلات نمو مذهلة صعدت بها لمكانة عالمية كثالث اكبر سوق مال على مستوى العالم في ضوء حجم التداول بعد بورصتي وول ستريت وطوكيو وبلغت قيمتها 500 مليار دولار. وقد جاء نشر هذه الاحصائيات بعد اخرى افادت ان الاقتصاد الصيني حقق نموا بلغ8.1% في الربع الاخير من العام 2002 وبنسبة 8 % على مدار العام ذاته. ويعود هذا النمو الى التصاعد المتواصل في عجلة التصدير الصينية العملاقة وتنامي الاستثمارات الاجنبية فضلا عن ضخامة حجم الانفاق القومي. وقد دفعت هذه الانجازات المذهلة بعض وكالات الانباء الى طرح السؤال التالي: هل سيأتي اليوم الذي تبتلع فيه بورصة التنين الاصفر نظيراتها العالمية لتتحول الى مركز مالي عالمي؟ وقد استندت هذه الوكالة في طرح سؤالها الى التقدم الثابت في تطوير اقتصادها مستندة الى رافعة تصدير هائلة القوة وتصنيع ضخم وتدفقات استثمارية بلغت في حقبة التسعينات ما يربو على 300 مليار دولار في صورة استثمارات اجنبية مباشرة لتحل بذلك ثانيا على مستوى العالم بعد الولايات المتحدة. والسؤال الآن ما هي العوامل التي أدت الى حدوث هذه المعجزة؟ ان البعض يتصور ان هذا التطور الكبير يعود الى حجم واتساع السوق الصينية. ولكن هذا البعض يغفل حقيقة هامة وهي ان الهند ايضا تمتلك هذه الميزة ولكنها لم تحقق النجاحات ذاتها؟ إذن لا يمكن رد حصول هذه المعجزة الى هذا العامل فهو يمكن ان يكون له تأثير ولكن من بين عوامل اخرى، وهذه العوامل مستقاة من تجربة الصين ذاتها: العامل الاول الفلسفة الاقتصادية المعتمدة والتي يمكن القول انها تعتمد على فكرة الاقتصاد الموجه. العامل الثاني الذي يفسر هذه المعجزة هو الايدي العاملة الماهرة والمؤهلة تأهيلا جيدا فقد انفقت الصين الكثير على بنية التعليم وخاصة في التعليم التكنولوجي. وتمكنت من توفيره لعشرات الملايين وهو ما زودها بأيدي عاملة ماهرة قادرة على تلبية احتياجات سوق العمل بكل تنوعها واختصاصاتها. العامل الثالث، ان هذه العمالة الماهرة هي في ذات الوقت عمالة رخيصة وليس هذا نابعاً فقط من الاجر المتدني، بل لان الدولة تتكفل على نفقتها باعداد هذه العمالة ناهيك عن التقدمات الاجتماعية المتنوعة وهذه العمالة الرخيصة تساهم في انتاج سلعة قادرة على المنافسة داخل السوق المحلية او في اسواق العالم. العامل الرابع، الاستقرار فالصين تعتبر من بين الدول الكبرى التي تحظى باستقرار لا تتمتع به جاراتها وخاصة الهند وروسيا ويعود لهذا الاستقرار فضل كبير في النجاحات الاقتصادية التي حققتها وما تزال تحققها. العامل الخامس، السوق الواسعة فالصين هي اكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان، ويتجاوز عدد سكانها الآن ملياراً وثلاثمائة مليون نسمة. وبديهي هذه السوق قادرة في ظل تضافر العوامل الاخرى على منح الصين ميزة لا تستطيع الدول الاخرى الحصول عليها. العامل السادس، وهو خلاصة العوامل التي تم ذكرها ويتمثل في الاستثمارات الاجنبية المباشرة فالاستثمار المالي يبحث عن الارباح والريع المعقول. وهذا تحقق في الصين بفعل هذه العوامل، ولذلك نجد انها قد احتلت المرتبة الثالثة بعد الولايات المتحدة واليابان. هذه هي العوامل التي تفسر المعجزة الصينية. فهل يمكن الاستفادة من دروسها بالنسبة لكثير من البلدان النامية الراغبة في تطوير اقتصادها؟ بكل تأكيد أن ذلك ممكن شرط عدم نسخ التجربة حرفيا لان لهذه التجربة جوانب عامة، ولكن في ذات الوقت تنطوي على خصوصيات يصعب توفرها في أي بلد آخر أو على الاقل في بلدان قليلة ومن هذه الخصوصيات السوق الواسع.