الخجل هو:الاضطراب من الحياء , وفي لحظاته يكتسي الوجه بحمرة رقيقة كان ابو نواس أروع من تغزل بها من بين الشعراء الاقدمين ولكن (الخجل الاسود) تعبير جديد أقصد به ذلك الخجل الذي لا يظهر على الوجه , بل يظهر على اللغة.
أعتقد ان كل كاتب (يحترم نفسه ) في عالمنا العربي أصبح يخجل من الكتابة , كتابته هو , قبل كتابة الآخرين ذلك لانه يخاطب الناس , وهو لا يستطيع ان يقول لهم الحقيقة, فتراه يهدم نفسه ويهدم اللغة ويهدم أعين الآخرين المتطلعة الى رؤية الحقيقة , ثم يتوارى خلف اوهام الحذر والواقعية والبرغماتية وغير ذلك من الاعذار التي هي حين تعصرها بيديك تتطاير تطاير الغبار.
الخجل حين يصيب اللغة لا يصبح وجهها أسود وحسب , بل يسحب الجبن والخور والاستسلام عليه ما تسفيه من الخزي والعار , فيصبح الكاتب ذليلا أمام نفسه , وتصبح لغته ذليلة امام أي قارئ , لكن .. هل هذا مقتصر على الكتاب ... هؤلاء المساكين المهددون من كل حدب وصوب ؟.
لا أبدا :
ان الخجل الاسود نراه على لغة السياسيين والإعلاميين والاقتصاديين .. لقد قدمت الإمارات اقتراحا بان يغادر صدام حسين السلطة , تجنبا لحرب مدمرة للعراق بل للعالم العربي كله وكان اقتراحا شجاعا ومخلصا وذا رؤية واقعية أمينة لمستقبل الأمة ولكن ماذا حدث ؟
حدث ان هطلت الخطب البتراء من الجامعة العربية متجاهلة الاقتراح , واستمرت اللغة السوداء خجلا في السيطرة على الاسماع والعقول وعلى الفضائيات الممكيجة.==1==
بغداد ما اشتبكت عليك الأعصر ==0==
==0==إذا ذوت ووريق عـــــــودك اخضر
ودجت عــــليك الحادثات فراعها==0==
==0==ان احــــــــــتمالك من أذاها أكبر==2==
هكذا قال الشاعر الكبير مصطفى جمال الدين الذي نفته بغداد ومات في منفاه فهل لليل بغداد من آخر؟