عندما نرى كفتي الميزان غير متكافئتين على الرغم من تكافؤ اوزان الكتل فيها فلا عجب لأن قاموس حياتنا المعاصر لم يبق للعدل والمساواة سيادة ففي حين هنالك ممن يعطي خالصاً من الأعماق هنالك من يكفية في عطائه قشور السطح الخارجية وهذا ما يحدث في بعض مدارسنا الحكومية عندما تضغط المتميزات والمخلصات من المعلمات ذوات الكفاءة بأضعاف من الحصص لأجل من قتلت (الواسطة) لديهن العطاء وقضت معه على بقايا الاخلاص من المعلمات المتقاعدات .. ولأجل الوقوف عن كثب على ما يجري في هذه القضية كان لنا هذا اللقاء .
24 حصة !
بدأت ضيفتنا بالتعريف عن نفسها قائلة : أنا دلال عبدالكريم معلمة لأكثر من ثمانية عشر عاماً بإحدى المدارس الحكومية بالدمام وأحمل معي نصاب أربع وعشرين حصة أسبوعية في حين غيري من هن أقل مني بخبراتهن وعطائهن يدخلن بست حصص أسبوعية وربما أقل ـ وليت الأمر يروق لهن بل هن منذ مرات من كثرة الحصص ؟!!
@ سألناها : كيف تحدث هذه التفرقة واللامساواة في المدارس أين إدارة المدرسة والمديرة إذن ؟
ـ عندما تأتي الأوراق رسمية ومختومة من المسؤولين بقرار تفريغ معلمة أو تخفيض نصاب حصصها .. فما الذي يمكن أن تفعله المديرة حينها !! هذا شيء والأدهى والأمر لو كانت المديرة نفسها هي الواسطة ؟!! فإلى من يكون المشتكى إلا إلى الله .
@ عندما يخفض نصاب معلمة ما إلى ست حصص وربما اقل كما تقولين ألا يضاف لها مسؤوليات مدرسية أخرى ؟
ـ أحيانا يضاف لها أعمال إدارية كالإشراف على الأنشطة اللا منهجية (الجمعيات أو حصص النشاط) حيث تقوم المعلمة المشرفة على النشاط في يومه الموعود بتوزيع دفاتر النشاط على الجماعات ومن ثم وضع رجل على رجل (للفضفضة) والأكل والشرب في حين غيرها تتراكم عليه الحصص والمناهج مضافاً إليها حصتا النشاط التي غالباً لا تحقق الهدف المنشود بسبب من أوكل إليهن الإشراف عليها لا لأجل التطوير والتجديد وأنما للراحة وتمضية الوقت حتى يرن جرس آخر الدوام فأين يأتيهن العمل من أربع حصص أسبوعية وتوزيع دفاتر النشاط مرة كل أسبوع ؟!!
@ ماذا عن حصص الانتظار ألا تعفى منها المعلمات ذوات النصاب المرتفع ؟
ـ يفترض ذلك نظامياً ولكن يصعب تحقيقه واقعياً في ظل وجود فئة من المعلمات اصبح الغياب لديهن أكثر من الحضور فهل تصدقين أن هنالك معلمة في إحدى المدارس لا تحضر سوى يومين في الأسبوع وغيابها باعذار رسمية ملفقة ؟!!
@ وما ذنب الطالبات .. مثل ذلك يؤثر على تحصيلهن العلمي سلباً ؟
ـ ما ذنب الطالبات وماذنبنا نحن أيضا معهن .. فإذا تغيبت مثل تلك المعلمات تأخرت المناهج وحينها ستطبق حالتان أما ان تتحمل معها أخرى إنهاء مناهجها أو أن تضغط هي الحصتان الثلاث بحصة واحدة لا تستطيع معها الطالبات الاستيعاب العلمي والفهم الصحيح، وما يهم لدى المعلمة كثيرة التغيب هو استكمال مناهجها بشرط عدم زيادة حصصها .
@ ما الذي يخلق ويفاقم في المجتمع التعليمي مثل تلك الفئات من المعلمات المستهترات في اعتقادك ؟
ـ السبب الرئيسي لوجود هذه الفئات وتزايدها في الفترة الأخيرة هو عدم وجود رادع يردعهن .. وانتفاء القوانين والأنظمة المقيدة لحدوث مثل تلك المخالفات التي تعيق حركة التعليم وتؤثر على تطوره وتقدمه فكيف تعطى المعلمة المخلصة في وجود أرباب الواسطات ممن انعدم الخوف من الله ومراقبته في طلب رزقهن وأداء عملهن بشكل لا يرضي الضمائر المخلصة .
المشرفات
@ والمشرفات التربويات أين دورهن في حل هذا الاشكال؟
ـ هنالك نوعان من المشرفات .. فالإيجابية القوية لا ترضى وتفضل الوقوف في صف مادتها والدفاع عمن يستحق من المعلمات والسلبية الضعيفة ـ وهنن الأكثر ـ ترى أن مضاعفة الحصص على بعض المعلمات وإراحة الأخريات أمر خاص بالإدارة في المدرسة ويجب على كل معلمة أداء ما هي ملزمة به من عمل والخلاصة أن هذا النوع لا يحل ولا يربط وأيا كان فالضعيفة والقوية في كلا الكفتين أمام قوة الواسطة ويدها الطولى .
@ هل تفاوت عدد الحصص من معلمة لأخرى ظاهــــــرة في جميع المـــدارس الحكومية ؟
ـ ابداً فهنالك مدارس ( ؟ ) مع معلماتها فأكثر نصاب معلمة لا يتعدى (16) حصة أسبوعياً .
@ ألتضاعف حصص بعض المعلمات دون أخريات مردود مادي إضافي ؟
ـ هذا هو المؤلم فالتميز والمراعاة والراحة للمتقاعسات اما المجتهدات فلا تكريم لهن لا بمردود مادي ولا حتى معنوي .. وكل ما نسمعه أن هذا عملنا وعلينا الالتزام به دون مناقشة أو احتجاج ؟!!
@ كلمة أخيرة قبل الختام ؟
ـ كل الشكر والتقدير لجريدة اليوم على هذه المشاركة الوجدانية متمنية أن تنشر هذه القضية وتعالج انها اصبحت موضة منتشرة في مدارسنا الحكومية هذه الأيام.