توقفت إحدى الزميلات التي ناشدتني الكتابة في موضوع التربية الفنية للطالبات بعد قراءتها لمقالة سابقة لي عن الرياضة البدنية لمدارس البنين. وأخبرتني عن معاناتها مع ابنتها في درس التفصيل والخياطة. وتذكرت معاناتي الشخصية لهذه المادة التي لم أستفد منها قيد أنملة. تقول السيدة ان تعليم هذه المادة لابد أن تشرف عليه معلمات يجدن تعليم الخياطة ويعشقن تعليمها لغيرهن من الصغيرات فتصبح قادرة على تعليمهن فن الخياطة والتفصيل وما شابهه لكننا نعاني من كثير من المواد التي كانت ذات أهداف رائعة ومفيدة لكنها تدرس شكليا وكجزء من منهج دراسي يجب أن يتواجد لنقول أنه متواجد. تضيف السيدة أنه مما يزيد المشكلة سوءا إصرار المعلمة بإخراج العمل وكأنه خرج من يد محترف ليتناسب مع المعرض المدرسي فتصر على الطالبات اللاتي لم يتعلمن هذا العمل المحترف أو حتى غير المحترف أن ينتجن قطعة تكاد تكون كاملة فتضطر الطالبات للاعتماد على الأهل فإن كانت الأم ممن رحم ربي قامت بتفصيلها وخياطتها هي أو أخذت القماش وأرسلته إلى الخياط الهندي الذي يقطن في نفس الحي. وهذا ما قامت به فعلا وعندما ذهبت انصدمت لتجد صفا من الواجب المدرسي لمادة الفنية معلقا بالدرازن على شماعة الخياط منتظرا أصحابه ليستلموه وهم بدورهم يقومون بتسليمه لمدرسات الفنية في المدرسة. وهكذا يفشل التعليم لدينا في كثير من المواد الحياتية المفيدة ولا أستثني نفسي كمعلمة فما زلنا نعلم أطفالنا اللغة الإنجليزية من المرحلة المتوسطة ونعلمهم الرياضة البدنية منذ الصف الأول الابتدائي ونعلمهم الخياطة والتفصيل لكنهم في نهاية المطاف ـ كثير من خريجينا في المرحلة الثانوية ـ لا يتحدثون الإنجليزية بل لا يفقهون منها إلا الحروف ولا يعلمون من الخياطة إلا أن هناك إبرة وخيطا ومقصا كعدة للخياطة أما الرياضة فلا أعلم ما دورها ويكاد يغلب الوزن الثقيل من شبابنا على وزن الريشة من الفئة الأخرى. ولا يختلف بذلك تعليم الأولاد من تعليم البنات.
نهاية الحديث يبقى الجرح مفتوحا وقد تجاهلت عن قصد كثيرا من المواد التي نفشل في تفعيلها حياتيا لدى أبنائنا وبناتنا الطلبة لكن ليس لنا إلا أن نقول ان الاعتراف بالمشكلة هو أول الحل ولا ندري متى آخره.