اتهم الكاتب والباحث العراقي الدكتور علي القاسمي الجامعات العربية بالاخفاق في تحقيق التنمية البشرية في البلاد العربية، واورد في كتاب جديد له صدر مؤخرا في المغرب عن (منشورات رمسيس) ضمن السلسلة الشهرية (المعرفة والمجتمع)، التي تعنى اساسا بالقضايا التربوية بعنوان (الجامعة والتنمية) احصاءات استقاها من وثائق المنظمات الدولية المتخصصة، تشير الى ان معدل النمو الاقتصادي في البلدان العربية حاليا تراجع عما كان عليه في عقد ستينيات القرن الماضي، على الرغم من الزيادة الكبيرة في عدد الجامعات وتخصصاتها، حيث انتقل عددها من عشر جامعات فقط عام 1950 ليصبح في الوقت الحالي من مائتي جامعة تضم حوالي ستة ملايين طالب وطالبة على امتداد العالم العربي.
ويقول المؤلف الذي مارس التعليم في عدد من الجامعات العربية والامريكية والمقيم حاليا في العاصمة المغربية الرباط ان جل الجامعات العربية قد انشئ لاسباب سياسية او اغراض تجارية محضة، وان معظمها لا يستحق لقب (جامعة)، لانه مجرد امتداد كمي للتعليم الابتدائي والثانوي في اهدافه وهياكله ومناهجه وطرقه التدريسية.
واعتبر الاديب العراقي في كتابه الذي خط مقدمته الدبلوماسي عبدالهادي ابو طالب مستشار العاهل المغربي الراحل - ان التعليم العالي مسؤول عن تحقيق التنمية البشرية في البلاد، لانه مكلف باعداد قيادات المجتمع، واجراء البحوث العلمية، وخدمة محيطه الاقتصادي. حيث يشخص مشكلات التعليم العالي في البلدان العربية - باعتباره كان قد تولى مديرية الامانة العامة لاتحاد جامعات العالم الاسلامي فيذكر في مقدمتها محدودية التعليم العالي بحيث لا تتجاوز نسبة المنخرطين فيه 14% من الشباب في حين تبلغ هذه النسبة 60% في البلدان الغربية، اضافة الى تدني نوعية التعليم العالي، وثقافة التعليم السلطوية التي لا تشجع الطلاب على التفكير والتساؤل والابتكار والابداع، واختلال التوازن الموضوعي الناتج عن غلبة الدراسات الانسانية والاجتماعية على العلوم والتقنيات، وضالة البحث العلمي، وعدم وجود آليات لتقييم نوعية التعليم العالي وجودته، وانعدام الحرية الاكاديمية، وتدريس العلوم والتقنيات باللغات الاجنبية التي تحد من استيعاب الطلاب للمادة وتمثلها والابداع فيها. ويرى الدكتور القاسمي ان توفير الظروف الملائمة لتحقيق التنمية البشرية يتطلب العمل على جبهتين الاجتماعية والاقتصادية، والتربوية التعليمية فعلى الجبهة الاولى ينبغي التزام الجميع باحترام حقوق الانسان، واطلاق الحريات العامة، والمساواة بين المواطنين ذكورا واناثا وايجاد سوق عربية مشتركة وعلى الجبهة الثانية ينبغي تطور التعليم الجامعية، وتعميمه، ودعمه ماديا وادبيا، وتعريبه وتقييم ادائه، وتفعيل البحث العلمي فيه.
تجدر الاشارة الى ان الاديب العراقي الدكتور على القاسمي قد تلقى تعليمه العالي في جامعات العراق ولبنان وبريطانيا وفرنسا وامريكا، وحاصل على الاجازة في الآداب، وليسانس في الحقوق وماجستير في التربية، ودكتوراة الفلسفة في علم اللغة التطبيقي ليمارس بعد ذلك التعليم الجامعي في عدد من الجامعات العربية والاجنبية، وعمل مديرا لادارة التربية ثم مديرا لادارة الثقافة في المنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة، ثم مديرا للامانة العامة لاتحاد جامعات العالم الاسلامي. وله مؤلفات بالعربية والانجليزية منها (معجم الاستشهادات) المعجم العربي الاساسي المنسق، علم اللغة وصناعة المعجم، المعجمية العربية بين النظرية والتطبيق، مقدمة في علم المصطلح، ترجمة الوليمة المتنقلة لارنست همنغواي، (اتجاهات حديثة في تعليم العربية للناطقين باللغات الاخرى)، (التقنيات التربوية في تعليم العربية لغير الناطقين بها)، (مختبر اللغة)، (حقوق الانسان)، (من روائع الادب المغربي).