من أسس نجاح الشخصية السوية، ومن علامات اكتمال الرجولة، الثقة بالنفس التي لاتقود الى الغرور، ولكنها تبرز السمات الفاضلة لدى الانسان، لأنها تنبع من الثقة بالله ، والايمان بأن الخالق قد كرم هذا الانسان بالعقل، ليقارع الحجة بالحجة ويمنحه القدرة على التمييز بين الخير والشر.
وهذه الثقة هي التي تمنح الانسان النجاح عندما يقدم على أي خطوة اذ يخطوها بثبات المؤمن بجدواها، الواثق من أهميتها، وعندما يقوم بأي عمل، وتمنحه الارادة عندما يقوم بأي عمل، اذ أن ذلك مقترن بعوامل تضمن نجاح ذلك العمل بإذن الله ، بعيدا عن العشوائية والارتجال، والثقة بالنفس لاتعني ان يرمي الانسان بنفسه الى التهلكة، ولكنها تعني اليقين من أنه يقف على أرض صلبة، دون خوف من الفشل، فهذا الفشل - لدى الواثقين بأنفسهم - هو خطوة في طريق النجاح فهم لايشكون من هذا الفشل ، لانه لايقودهم الى الاستسلام، بل يتقبلونه بروح رياضية، ويعتبرونه درجة في سلم النجاح، درجة يمكن تجاوزها بعزيمة مبعثها الثقة بالنفس.
وهذه الثقة ايضا تمنح الانسان الشعور بالندية، والتخلص من عقدة تفوق الآخر، فلاشيء يقف امام قوة الارادة، والرغبة في التفوق، شأننا في ذلك شأن الآخرين، الذين لم يفدوا من كواكب اخرى، بل هم بشر مثلنا ، يمكننا ان نحقق ماهو اعظم من انجازاتهم.
والثقة بالنفس ان كانت تبدأ بالفرد، فانها تؤدي الى مجتمع يثق افراده بأنفسهم وكفاءاتهم، وقدراتهم على العطاء، كما تؤدي الى وطن يثق مواطنوه بطاقاتهم الخلاقة، وابداعاتهم الرائعة، كما تؤدي ايضا الى امة يثق ابناؤها بأهدافهم السامية، وغاياتهم النبيلة.
اما الشعور بالنقص فانه يؤدي الى التخاذل والفشل، ويؤدي بالجميع افرادا ومجتمعات واوطانا وامما، الى مؤخرة الصفوف في ركب الحضارة، في عالم يتزاحم فيه الاقوياء على احتلال مركز الصدارة، لقيادة العالم الى آفاق العصر الزاخر بالمعطيات الايجابية.
لكن الثقة بالنفس لاتبنى بمجرد الامنيات، انها تحتاج الى مناخات وظروف وعوامل لايتحمل الآباء والامهات وحدهم مسؤولية توفيرها، بل هي مسؤولية مشتركة بين كل مؤسسات المجتمع ، وفي مقدمتها البيت والمدرسة.
ومسؤولية تنشئة الاجيال الجديدة على مستوى كبير من الثقة بالنفس مطلب تفرضه حتمية المرحلة التنموية التي يعيشها الوطن، والمراحل الحضارية التي نسعى جاهدين للوصول اليها. ومالم يكن سعينا بدافع الثقة بالنفس، فان احتمالات التعثر واردة، وتوقعات الفشل محتملة.
ومتى ما تحققت لنا الثقة بالنفس.. تحقق لنا الكثير في مجالات كثيرة، نحن في امس الحاجة لان نحقق فيها المزيد من النجاح والمزيد من التقدم.