كلنا معني بالتعامل مع المؤسسات العامة ذات العلاقة المباشرة بعامة الجمهور أيا كان حجم أو نوع هذا التعامل .. وحينما تتاح لأحدنا فرصة زيارة أحدها لاشك أن هذه الزيارة ستترك داخلنا أحد أمرين .. إما الشعور بالرضى أو عدمه!...وهذه المفارقة ليست ضد مايمكن اعتباره تكاملا أو تقصيرا في النوعية الخدمية التي تقدمها هذه المؤسسة أو تلك- وهذا موضوع آخر- لكن تجاه ما تمتلكه وتؤمن به هذه المؤسسة من مرجعية راسخة تضمن الصحة والسلامة للجميع في كافة معاملاتها والتي تساعدها على البقاء في كامل قواها وتنفيذ أعمالها ومشاريعها وفق الطرق الصحيحة أو ضد نقيصه التقصير الذي لا تخلو منه بعض مؤسساتنا كغياب عنصر الصيانة وغير ذلك من التشوهات المرفوضة التي تبدو المؤسسة خلالها وكأنها لا تعني أحد!.
فحينما تقوم بالزيارة ويلبسك الشعور بالرضى والانسجام وروح التعاطي بينكما أنت والمؤسسة باعتبارها واحدة من مؤسساتنا العاملة المتكاملة القادرة على الموازنة والمواءمة بين ما تقدمه من خدمات فاعله وما تظهره من تعاملات سامية تجاه الأفراد ومثيلاتها المؤسسات الأخرى المستفيدة فاعلم أن الأمر لايتعدى كون هذه المؤسسة تواكب في هذا التعامل ما تؤمن به من أسس متكاملة تعتمد السلامة والصيانة كمبدأ أساسي في الكثير من تعاملاتها للإبقاء على كيانها أو على ما تمتلكه من أجهزة متقدمة تساعد العاملين بها على التعامل بجدية والظهور بصورة مماثلة لطبيعتها الصحية التي تشعرهم بقيمتهم كأفراد يستحقون العيش في أجواء صحية لاتقل قيمة عن أجواء البيئة التي ينتمون إليها وعلى أساسه يظهرون الولاء والإخلاص والجدية في أعمالهم. ولكنك إذا ما شعرت خلالها بالاستياء أو الغضب ..فلا شك أن هذا الشعور مرتبط بحجم المعضلات والتشوهات التي تصادفك أو تعانيها هذه المؤسسة والتي تساهم في تأخير الكثير من المعاملات والخدمات القائمة عليها والناتجة عن غياب عنصري السلامة والصيانة باعتبارهما العمودان الرئيسيان المعنيان بسلامة أو سقم جسد المؤسسة.
وإذا ما تحدثنا عن السلامة وعنصر الصيانة داخل المؤسسة وما يمثلانه من أهمية قصوى تساعد المؤسسة على الاستمرار في الإنتاج والحد من الخسائر والمحافظة على كيانها وثرواتها فإن أبعادها تتعدى أحيانا الخسائر المادية لتطال البشرية أيضا مسببة تأثيرات معنوية واقتصادية جسيمة .. وقد يكون وقوعها في ازدياد مضطرد في كثير من الأحيان إلا أن هذه ناتج عن أمرين أولهما عدم الاعتبار بأن الحوادث دائما ما يسببها الجهل سواء بالمخاطر أو النتائج وثانيهما الاعتقاد السائد بأن السلامة والصيانة هما مفهوم عام أو خدمات عامة مضمونة أو ضمنية أو مسئولية مشاعة .. مع أن الصحيح هو كونهما من الحقول المتخصصة المحددة المتقدمة والرفيعة.
وبهذا يكون من الأهمية اعتبار أن السلامة والصيانة من العناصر الرئيسية وليست المكملة أو الهامشية في المؤسسة .. ومن الطبيعي أن هذا لا يتحقق إلا من خلال الأعداد والتجهيز الجيد والمحافظة على هذه الممتلكات واعتبارها من الممتلكات الخاصة والأخذ بتطوير عناصر دعائم السلامة المبنية على أسس عملية وعلمية حديثة كونها من القيم الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية ومن مقومات انتعاش البيئة البشرية والأخذ بالاعتبار بان "العهد بالممتلكات لمن لا يصون سلامتها " هي من مظاهر عصر قد ولى.
ولاشك أن الصيانة تحديدا تعد من متطلبات الحماية للممتلكات والثروات والإنتاج والأعمال عامة كانت أو خاصة وهي من ضروريات الإدارة المعاصرة في المجتمع الحديث .. فالحفاظ على الممتلكات لايجب أن يكون كردة فعل مبني على الأحداث والأعطال التي تتعرض لها المؤسسة وإنما السعي في تطعيم المؤسسة وحمايتها من الأعطال والاتقاء من تكرارها.
ولو أننا بحثنا عن المسببات الرئيسية التي أسهمت وتساهم في تدهور صحة الكثير من المؤسسات أو ربما بعض المنشآت الحيوية كالمتنزهات وغيرها من الأماكن العامة وعجلت في شيخوختها فحتما ستبدو أمامنا إجابة واضحة تؤكد غياب مصطلح الصيانة الوقائية أو غير الوقائية داخل هذه المؤسسة أو المنشأة والجهل في استخدام أجهزتها بصورة صحيحة مايعني ضرورة تثقيف العاملين وتأهيلهم بما يضمن لهم المعرفة الكاملة في الكيفية الصحيحة التي يتم بها التعامل مع هذه الأجهزة والآلات.
فتعتبر الصيانة الوقائية من أهم الموضوعات التي تستهدف رفع معدل الكفاية الإنتاجية وانخفاض معدلات الحوادث والأعطال وضمان سلامة الأجهزة والعامل وحمايته الكل من الأخطار والإبقاء على الأخطاء في حدها الأدنى حيث يتوقف إنتاج العامل في كثير من الأحايين على مدى فهمه ورضاه العام عن الآلة واستمرارها وأسلوب التعامل معها.
وكان رجال الأعمال في الماضي يمنحون الآلة كل اهتمامهم لزيادة كمية الإنتاج وتحقيق أكبر قسط من الأرباح ولم يلق العامل من عناية واهتمام مثل ما كانت تلقاه الآلات .. فإذا أصيب أو عجز عن العمل بسبب إصابته أو قلت كفايته الإنتاجية لأي سبب أسرع باستبداله بغيره حتى تستمر الآلة في عملها دون تعطيل..ولكن هذه النظرة سرعان ما تبدلت إلى اعتبار العنصر الإنساني الأهم في تطوير الآلات وطرق الإنتاج وهو المشغل لها وتقع عليه مسئولية المحافظة عليها وصيانتها .. ولذلك تعتبر الشخصية الإنسانية الدعامة الأولى في الإنتاج وزيادته وتحسينه كما ونوعا .. وإذا ما احسنا اختيار هذه الشخصية ووضعناها في المكان المناسب لها جسميا ونفسيا وعقليا ووجهناها التوجيه السليم فحتما نكون خطونا خطوة كبيرة على الطريق السليم نحو تحقيق ارتفاع معدلات الإنتاج والمحافظة على أجهزة المؤسسة وآلياتها وحمايتها من الأعطال الناتجة عن الإهمال.
ضرورة تصحيح النظرة المغلوطة
وقال السيد سعيد أحمد الغامدي مدير مؤسسة الغامدي للمقاولات: ان الكثير من العاملين وكذلك الموظفين على صعيد المؤسسات الحكومية والأهلية يمتلكون نظرة مغلوطة تجاه ملكيات المؤسسات والشركات باعتبارها الجانب الأقوى في تمويل صيانة أجهزتها بصفة دورية ولهذا تجدهم لا يعتنون بالآليات وكذلك الأجهزة .. مرددين في داخلهم مقولة (حلال عمك لا يهمك) ولهذا السبب تحديدا نجد الكثير من ممتلكات المؤسسات العامة وكذلك الخاصة تبدو في أرذلها نتيجة الإهمال وفقدان عنصري الصيانة والوعي.
واضاف: ان السلامة هي اتباع أسلوب العمل السليم الذي يجنبنا الحوادث ويقينا من الإصابات باعتبارها ضمانا للفرد روحيا وماديا وكذلك الحفاظ على الممتلكات والحياة الشخصية التي قد يتعرض لها العامل في عمله اليومي كما أن هناك أهدافا أخرى للسلامة .. فمثلا يتضح من كل الإحصائيات أن زيادة وجود الإنتاج تعلو كلما انخفض عدد الحوادث والكل يعرف أن تكاليف المؤسسات وتزويدها بكل تلك الأجهزة بما فيها من ضخامة بناء وتكاليف تزيد عن الملايين من الريالات .
وأشار: إلى أنه ربما الناحية المادية ليست بذات الأهمية مقارنة بالناحية البشرية ولكن الأهمية ترسخ بمصادر تلك الأموال - انها الدولة والمجتمع والفرد- .. فحرصنا على السلامة وأسلوب العمل السليم لاشك سيوفر الكثير ولاشك أن هذا التوفير سيعاد إلى المجتمع على شكل إكثار من الرعاية الصحية وإكثار من التعليم وإكثار من إيجاد ظروف أفضل تبعد الإصابات مؤكدا أنها منافع لا نتمتع بها إلا إذا تجنبنا الإصابات .. وهذا بالطبع لا يتوفر إلا باهتمامنا بالسلامة في طرقها وأنظمتها مزودة برعايتنا للعمل ومهارتنا في أدائه.
وقال: انه يجب على كل مؤسسة أيا كان دورها التأكيد على تعميم طرق العمل المأمونة وأن تدرس هذه الطرق بعناية وأن تعلم العامل المبتدئ كيفية التعامل مع الأجهزة والآليات وفحصه لها قبل استخدامها واتخاذ الأوضاع الجسمية المأمونة على إلا تلقى عليه هذه الطرق على هيئة محاضرات أو تقدم إليه في صورة تحذيرات بل على أن تغرس فيه كعادات يؤديها دون حاجة إلى بذل جهد أو انتباه وإشعاره أن ممتلكات المؤسسة ملك له يجب المحافظة عليها وصيانتها.