تدل إحصاءات أجريت مؤخراً أن أكثر من 30 بالمائة من حوادث الطرق سببها الإعياء الشديد لسائق السيارة. ففي أوروبا وحدها يصل عدد ضحايا السير إلى 50000 قتيل و 1،5 مليون جريح. ثُلث هؤلاء الضحايا تعود أسباب تعرضهم للحادث الى عدم أخذ السائقين أو أحدهما قسطا كافيا من الراحة قبل مباشرة الرحلة، ونظراً لخطورة هذا الموقف بدأ الباحثون في العمل لإيجاد أسلوب يحد أو يقلل فرصة سقوط رأس قائد السيارة على المقود الذي بدوره قد ينهي حياته وحياة أناس آخرين لاذنب لهم. وقد استمر سعي العلماء في جميع أنحاء العالم لإيجاد حل لهذه المسألة عبر عقدين من الزمن. يُعتبر الفرنسيون هم الأنشط في هذا المجال، إلا أن ما تم تطويره لديهم لم يتعد حدود مختبراتهم. أما في ألمانيا فقد توصل المهندسون لتطوير خلايا استشعارية يمكنها التقاط حركة جفون السائق ومراقبتها طوال فترة قيادته السيارة. حين تستشعر هذه الخلايا عن طريق كمبيوتر متصل بها أن السائق بدأ يشعر بالنعاس يبدأ جرس إنذار بالعمل على تنبيه السائق وإيقاظه من غفوته المرتقبة. وفي الولايات المتحدة طور العلماء نفس هذا الأسلوب الاستشعاري إلا أن تنبيه السائق يتم عن طريق اهتزاز المقعد بدلاً من جرس الإنذار. تعمل هذه الخلايا الاستشعارية بأسلوب قياس النشاط الكهربائي لخلايا المخ Electroencephalography (EEG).
في عام 1995 بدأت الفكرة تأخذ طابع الجدية عندما بدأ الألمان والإيطاليون والفرنسيون بإنشاء مركز الأبحاث والعلوم المتخصصة Centre National de Recherchژ Spatiale Scientifique (CNRS) حيث طُور نظام مبني على تقدير مدى قدرة السائق لقيادة سيارته في حالات الطوارئ (SAVE). لذا فيجب على الكمبيوتر معرفة سائق السيارة معرفة جيدة، فهو (أي الكمبيوتر) الذي سيستشعر أي تغيير في نمط القيادة الذي يجعله يقرر أن سائق السيارة في سبيله للغرق في سبات عميق فيسعى عندها لنجدته.
ولكن كيف يمكن للكمبيوتر التفريق بين ما إذا كان السائق لا يحرك جفنتيه بسبب الشمس الساطعة والساقطة على عينيه أم بسبب انغلاقهما من شدة النعاس؟ يجيب العلماء عن هذا السؤال بأسلوب لا يقبل الجدل، لأن طموحاتهم تتعدى هذه المعضلة بمراحل عدة، فالغاية الآن هي الوصول لجعل السيارة تعمل على ما يعرف بالذكاء الاصطناعي Artificial Intelligence لتعمل السيارة بمفردها دون الحاجة لوجود من يقودها على متنها. فالكمبيوتر سيتحكم في التسارع والتوجيه عبر قنوات استشعارية ترى بواسطتها الخطوط المرسومة على الطرق فتنفذ الأوامر الصادرة عن الكمبيوتر ليتم اختيار الخيار الأفضل من ناحية الأمن والسلامة. من ضمن الطرق التي تنبه الكمبيوتر أيضاً عن حالة السائق أثناء القيادة هو طريقة جلوسه على المقعد فعند استرخائه وميلان جسمه بطريقة غير طبيعية تعمل كاميرات إستشعارية على تحديد مدى إعيائه ومن ثم تنبيهه بطريقة فورية تحول بينه وبين وقوع حادث مؤلم والعياذ بالله.
مهما تطور العلم ومهما سعى العلماء والباحثون لإيجاد الحلول لهذه المسألة المهمة، يجب على سائق السيارة وبعد ذكر اسم الله التأكد من حالته الجسدية والعقلية وما إذا كان قد تناول القدر الكافي من الراحة أم لا؟ فيجب علينا معشر السائقيين أن نعقلها ونتوكل. حفظنا الله وإياكم بحفظه و رعايته، آمين.