تجىء المعارضة الفرنسية والألمانية للولايات المتحدة في موضوع اللجوء للقوة في الملف العراقي لتطرح على الرأي العام الأمريكي قضية مهمة تتعلق بالمملكة والتي اتخذت موقفا ـ حذرا ـ لم يعجب رجل الشارع الأمريكي, وكان هذاالموقف سببا لحملة شعواء ضد السعودية, رغم الصداقة التي تجاوز عمرها الستين عاما. تأتي أهمية المعارضة الفرنسية والألمانية لتذكر رجل الشارع الأمريكي بأن الدول المعارضة متأثرة بقوة بالرأي العام المحلي, ومن الانصاف ان يتم تفهم مواقفها والتعامل معها على النحو الذي جرى مع تركيا, على سبيل المثال, حيث تركت لها واشنطن الخيار معلنة ان لديها بدائل كافية, في حين ستخسر تركيا الأمور الفلانية (الدعم في موضوع الأوربة ـ التأثير الكامل في الملف الكردي ـ العوائد الاقتصادية.. إلخ). في السياسة الدولية تحدث أمور كهذه يسمونها التفاوض والضغوط, وأما تحريك الشارع الأمريكي ضد هذه الدولة او تلك فهو أمر غير مألوف في السياسة الدولية المتحضرة, دعك من الدول ذات التوجيه الأحادي في العالم الثالث.
من جانب آخر, لا يعفي ذلك الدول المعارضة للحرب من مسؤوليتها تجاه الرأي العام, وعدم الاكتفاء بالانقياد له, اذا كانت الدولة من الناحية السياسية على قناعة بأن اللجوء الى القوة هو تدخل جراحي هام لا امكانية لانقاذ الشرق الأوسط من عنصر توتر دائم فيه بغير ازالة هذا النظام, مع ملاحظة نثيرها دائما, تتعلق بأن علاج الملف العراقي لا يعني تعليقه حتى يتم الفراغ من الملف الفلسطيني, وربما كانت النجاحات المرتقبة في العراق مدخلا لعلاج المسألة الفلسطينية, فليس عدلا ان يطلب من الشعب العراقي الانتظار, وان يصطف بالدور! نعم يجب ان تمارس الدولة مسؤوليتها في اقناع الرأي العام, وألا تكون أصوات استثنئاية هي الموجه لقناعاتها, فهناك اصوات معارضة سواء في ألمانيا أو فرنسا أو في منطقتنا لها منطلقات انتخابية, وفي بلادنا هناك منطلقات نفسية, ومن بين الأصوات المألوفة بيننا من يدير نفس اللجهة ضد الدولة على مدار عشرات السنين, ولا تتغير طوال هذه الفترة سوى المفردات والعبارات تبعا للحدث المستجد فهو معارض (خلقة) كما يقولون, ومن غير المجدي ان ترتب مصائر الشعوب على صوت ينطلق من معاناة نفسية, واذا ما سارت الأحداث الى ما يصلح معه حال الشعب العراقي وجاء هذا الشعب ليحاسب من تردد كان الجواب (ان لدينا أصواتا معارضة) وهو بالقطع لن يكفي لاقناع تلك الشعوب المتحررة من الاضطهاد, بل حتى الصوت المعارض سوف يتنصل من المسؤولية ببساطة على اعتبار انه (يقول كلمته ويمشي وعلى الدولة ان تتحمل مسؤولياتها). بينما عمر رضى الله عنه يطوف ليلا في المدينة, سمع امرأة تقول:==1==
تطاول هذا الليل وأسود جانبه ==0==
==0==وأرقني أن لا خلـــــــيل ألاعبه
فوالله لولا الله اني اراقـــــــــبه==0==
==0==لزحزح من هذا السرير جوانبه==2==
فعلم ان زوجها في الغزاة منذ أشهر, فدخل على ابنته حفصة أم المؤمنين وسألها (كم تشتاق المرأة الى زوجها!!) فاستحيت, قال لها (ان الله لا يستحي من الحق) فأشارت بيدها ثلاثة وإلا فأربعة أشهر, فكتب ألا تحبس الجيوش فوق أربعة أشهر.