بحت أصوات الاندية الصغيرة والمتوسطة مطالبة بانقاذها من السيل العرم الذي داهمها فجأة من غير استعداد منها ولا قدرة على مواجهته وظلت هذه الأندية تصرخ وتنادي وتطلب النجدة ولكن بلا مجيب حتى غمرها السيل وأغرقها فسكتت بعد ان اصبحت مثل الجثث الهامدة.
والمقصود بالسيل الذي أغرق الاندية الصغيرة والمتوسطة هو نظام الاحتراف الذي طبق منذ أكثر من عشر سنوات وفرض على الاندية وهي لا قبل لها به وليست مستعدة للعمل به لا ماليا ولا اداريا ولا حتى ثقافيا.
وحتى رعاية الشباب التي جعلت الاحتراف أمرا واقعا لم تمنح الأندية فرصة ايجاد موارد متنوعة لدعم وتمويل هذا النظام بل اعتمدت دعمها كمورد وحيد للأندية للصرف على المحترفين. ورغم ان هذا الأمر لا يتماشى مع مفهوم نظام الاحتراف القائم على الفكر التجاري والاستثماري في تحقيق الموارد إلا انه كان مقنعا في البداية.
ولكن مع مرور الوقت ومضي السنين بدأ هذا الدعم يتأخر عن الأندية مما ترتب عليه تأخر في دفع رواتب المحترفين وصل لدى بعض الأندية إلى سنة كاملة كما دخلت كل الأندية في أزمات مع محترفيها حول تجديد العقود ومغالاة هؤلاء اللاعبين في مطالباتهم المالية وتهديدهم بالانتقال إلى اندية اخرى وكثير منهم فعل من غير حول من ناديه ولا قوة.
واذا كانت الأندية الكبرى في منأى عن التضرر من سيل نظام الاحتراف الذي أغرق في بداية تطبيقه الأندية الصغرى والمتوسطة فها هو اليوم يبلغ في ارتفاعه مستوى يكاد معه ان يلجم أفواه هذه الأندية فبدأت تشعر بالخطر يهددها وتعالت من داخلها صيحات الاستغاثة والتي ذكرتنا بالأصوات والصيحات التي كنا نسمعها في السابق من الأندية الصغيرة والمتوسطة قبل ان يلفها صمت القبور حيث لم تجد من يسمعها أو يغيثها.
أما الان فالاستجابة جاءت من القمة عندما أمر ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز بتشكيل لجنة لتطوير الرياضة في المملكة وكرة القدم خصوصا وعهد برئاستها لصاحب السمو الملكي الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز حيث اصبحت الأندية جميعا في المملكة تنظر لهذه اللجنة على انها قارب النجاة الذي انطلق يجوب طرقات الحركة الرياضية والأندية لينتشل الغرقى وينقذ من لازال يصارع الأمواج قبل ان تخور قواه وتسحبه قوى الجذب الى القاع. ومن الملاحظ ان كثيرا من الاندية وبالاخص الكبرى قد بطأت وتيرة عملها وبدأت تسير بخطوات وئيدة أحيانا ومتعثرة أحيانا اخرى، أما غير الاندية الكبرى فقد توقفت حركتها تماما.
لذلك فان الأندية الان تنتظر انطلاق قارب النجاة الذي تنظر له بكثير من الأمل لانقاذها مما هي فيه من حالة اضطراب وفقدان اتزان والابحار بها إلى شاطئ الامان مع منحها جرعات "اكسيرية" تعيد النبض في قلوبها والحركة في اطرافها لتحلق رياضتنا السعودية في سماء البطولات والانجازات من جديد.
@@ عبدالعزيز الهدلق
رئيس القسم الرياضي بالزميلة الجزيرة