أخبار متعلقة
في الجزء الثاني من حوار الدكتور سعد البازعي أستاذ الأدب الإنجليزي بقسم اللغة الإنجليزية بجامعة الملك سعود والناقد الأدبي والمثقف المعروف، يتناول ملامح الحداثة في منطقة الخليج العربي، وأثرها على تطور ثقافة أبناء الخليج.. ويؤكد على أن الأجيال الجديدة التي تلقت ثقافة مغايرة لما تلقاه جيل الآباء والأجداد من ثقافة انعكست على ما ينتجونه في مجال الأدب بفنونه المختلفة.. مما جعل أنواعا أدبية تظهر على السطح تساير هذه الثقافة، وتتوافق مع ما طرأ عليها وعلى اتجاهات أبناء الخليج من مستجدات بسبب الانفتاح الكبير على الآخر. كما يرى البازعي ان الأدب والنقد لهما حضور جيد في الخليج كما في الوطن العربي، ولكن الهم الأول الذي ينبغي أن يكون للنقد في المنطقة هو الاهتمام بأدب المنطقة المحلي ثم الانطلاق منه للعربي .
وينفي البازعي التهمة الموجهة من النساء ضد الرجال، ويشير إلى أن ثمة نساء يعقن أنفسهن بأنفسهن، ومن ثم يأسرن أنفسهن بنظرة الرجل التقليدية لهن.. لكون بعضهن لا يستطعن الإبداع في مجالات العمل والحياة، ويخفين فشلهن وعجزهن عن الإبداع في خضم هذه النظرة القاصرة، لكنه رغم ذلك يرى ان المرأة المبدعة والمثقفة الواعية لا تقع ضحية، أو أسيرة للنظرة القاتلة من الرجل.. ويؤكد على أن المرأة والرجل كليهما يمكن أن يكونا أسيرين للنظرة نفسها.
الدكتور البازعي الذي درس معظم سنوات الدارسة في الرياض وجزءا منها في شمال المملكة.. أنهى دراسته عام 1983م، وانجب طفلتين خلال الدراسة، كان الحوار معه سهلا يسيرا رغم استفزازه بالضحك.. أدعوكم قراءنا إلى الاستمتاع بردوده في هذا الجزء الثاني من الحوار.
موقف
@ عملت مع النادي الأدبي بالرياض في نقد ورصد قصائد النثر للشعراء الشباب فما موقفك منها؟
- بالنسبة لعملي في النادي الأدبي جاء على مراحل مختلفة، كانت في البداية مرحلة العمل من خلال أثنينية النادي الأدبي.. وهي المرحلة الأطول، ولم أكن أثناءها جزءا من إدارة النادي، وتلك الفترة اتسمت فعلا ـ في بعض مراحلها على الأقل ـ باهتمام من جانبي، ومن جانب المشاركين في تلك الندوة الأسبوعية، المعروفة بالاثنينة بأدب الشباب وغيرهم.. ولم تكن مقصورة على أدب جيل، أو مرحلة معينة. هذا النشاط توقف في مرحلة لاحقة، عندما قام بعض الزملاء الآخرين بتولي إدارة الندوة. لكني أعتقد ان الاهتمام تواصل بشكل أو بآخر.. من جانبي أنا الآن أعيش مرحلة مختلفة في علاقتي بالنادي الأدبي بالرياض، بعد ان انضممت إلى مجلس الإدارة، وبدأت أطلع بمسؤولية مختلفة، تعنى بتنظيم النشاط بشكل عام، وليس فقط بإدارة حوار في ندوة أسبوعية.. الأدباء الشبان أو الكتابات الشابة كانت ـ ولا تزال ـ محل اهتمام بالنسبة لي، وأسعى بين الحين والآخر إلى التعبير عن هذا الاهتمام، أو إلى بلورته في قراءات، أو في مرجعات، أو في مقالات تنشر من خلال زوايا أو مقالات ثابتة في الصحف، ومن خلال محاضرات موسمية، أو من خلال أوراق تقدم في ندوات وتجمع لتنشر في كتب فيما بعد. لكن لا أدري إلى أي حد الأخوة القراء في المملكة بشكل عام، وفي المنطقة الشرقية بشكل خاص يتابعون هذا النشاط.. لكن أنا أكتب الآن أسبوعيا في جريدة الجزيرة، وكانت آخر مقالة لي قبل أقل من شهر، تناولت فيها الشاعر أحمد الملا، وضعته في موضع المقارنة مع الشاعر صلاح عبد الصبور في بعض الصور الشعرية.. فأنا أصيغ هذا كمثال لتواصل الاهتمام، وأنه ليس محصوراً في النادي الأدبي، أو في أي ناد آخر، أو في أي مؤسسة، وإنما هو جزء من طبيعتي، وجزء من اهتماماتي الشخصية، فهو ينتقل معي إن ذهبت إلى ناد، أو ذهبت إلى ندوة، أو كتبت في جريدة.
الرياض ديلي
@ كنت مشرفاً على تحرير الصفحات الثقافية في صحيفة (الرياض ديلي).. يقال ان ثمة أسباباً مادية تقف وراء تركك لها؟
- يضحك، وينفي تركه للإشراف على الصفحات الثقافية في الزميلة الرياض ديلي.. يقول: انني مازلت متواصلاً بالعمل مع الرياض ديلي، ومازلت أكتب زاوية اسبوعية في هذه الصحيفة، وهي زاوية عمرها الآن حوالي 9 سنوات، تراكم خلالها عدد كبير من المقالات والدراسات، التي بعضها يتناول الأدب المحلي. لكن اعتقد ان تأكيد استمراري ينفي أطروحة السؤال من أساسها فليس هناك ترك أبداً.
تهمة
@ يتهمك طلاب جامعة الملك سعود بالتقصير في تصحيح أوراق امتحاناتهم.. وتصعيب الأسئلة عليهم.. ما ردك على هذا؟
- يضحك ويعلق قبل الإجابة قائلاً: اعتقد ان هذا السؤال استفزازي، لأنه ليس لدي من الطلاب الذين هم من الممكن ان يقولوا هذا عني. أرجو ألا أكون كذلك، في ظني أنني لست مقصراً، بالعكس، يعني يمكن سمعتي اقرب إلى سمعة الشخص المرغوب، وبدون إدعاء، أتمنى لو كانت هذه التهمة مبنية على استقراء واقعي، مثلا لمرئيات الطلاب، فمع الأسف نحن في جامعة الملك سعود، أو في بعض كليات جامعة الملك سعود، وبعض جامعات المملكة، ليس لدينا هذا الاهتمام بآراء الطلاب، واتمنى لو كان هذا الكلام مبنيا فعلا على دراسة علمية، أو حتى على استطلاع له قدر كبير من المصداقية بأخذ آراء الطلاب، لو كان هذا صحيحاً لنظرت إليه نظرة جدية، وتأملت في طريقتي في تصحيح الأوراق، لكنني اعتقد جازما وبناء على الانطباع الذي يصلني من الطلاب، هو ان العكس هو الصحيح، فلا أدري على أي أساس قيل هذا الكلام.
موازنة
@ كيف يستطيع الدكتور البازعي الموازنة بين العمل الأكاديمي والهم الإبداعي الثقافي؟
- من نعم الله عليّ أن العمل الأكاديمي واهتمامي الثقافي متقاربان، بل ملتحمان في كثير من الأحيان. فليست هناك مسافة تحدث كما يحدث لدى البعض بين ما يمارسونه من مهن وبين اهتماماتهم الفكرية والثقافية، فالعمل الأكاديمي بالنسبة ليّ هو ليس مهنة فقط، وإنما هو هواية وميل ورافد أساسي لعملي الثقافي خارج الجامعة. صحيح أن هناك مسافة بين الأدب الأجنبي الذي أدرسه في الجامعة وبين الأدب المحلي، بمعنى الاختلاف الثقافي والجغرافي، لكن في نهاية الأمر هو ان كلا العملين متصلان بالأدب، وكلاهما يرفد الآخر، وعملي في الجامعة في الواقع من المصادر الأساسية التي استمد منها رؤيتي للأدب العربي الحديث، ومنه الأدب في المملكة.
عداء تقليدي
@ تتهم المرأة الرجال بأنهم دائماً ما يتهمونها بأنها لا تزال أسيرة للعداء التقليدي للرجل، بوصفه عائقاً أساسياً أمام تطورها إبداعياً.. ما تعليقك على ذلك؟
- أعتقد أن هناك بعض الرجال الذين يقولون بهذا، أنا اتفق مع من يوجه هذه التهمة. لكن عن موقفي من هذه التهم، فأنا أعتقد ان التعميم صعب، كما في الكثير من الأشياء. فهناك نساء يرين ذلك، وهناك نساء لديهن هذه القناعات الراسخة، وهناك نساء ليست لديهن هذه القناعة، كما أنني أعتقد أن كثيرا من النساء استطعن فعلا أن يتجاوزن هذه النظرة التقليدية لموقف الرجل منهن، ولكن في نفس الوقت هناك طبعاً رجل بغض النظر عن رأيي في المرأة للموضوع أنا اعتقد أن هناك الكثير من الرجال الذين يحدون من قدرة المرأة على ممارسة دورها المبدع، ولذلك هذه النظرة ليست نظرة نسائية فقط. فموقف النظرة النسوية المعروفة فيما يسمى بالنقد النسوي ليست مقصورة على المرأة في كل الحالات.. فقاسم أمين الذي دعا إلى تخلص المرأة من القيود التي تحول بينها وبين مشاركة الرجل في الحياة العامة، هذا كان رجلا في نهاية الأمر لم يكن امرأة.. فاعتقد أن القضية هي ليست محصورة في المرأة، وليست قضية اختلاف بين الجنسين هي قضية اجتماعية ثقافية تهمنا جميعا، والمرأة لكي تتهم الرجل باتخاذ موقف عدائي منها ليست بضرورة أسيرة نظرة ضيقة.. هي فعلاً أحياناً كثيرة تعبر عن واقع نعيشه، وليس شيئا مفتعلاً. لكن أيضا هناك نساء يعقن أنفسهن بأنفسهن.. يعني ليس الرجل دائماً هو المسؤول عن هذه المشكلة.. فأنا أعتقد أن هناك نساء أسيرات هذه النظرة.. لكن متى نصف المرأة بأنها أسيرة نظرة معينة؟!! عندما تصبح هذه النظرة معمية، بمعنى تصبح أو تؤدي إلى شلل في قدرة الإنسان على تحليل الواقع وإلقاء التهم، أو وضع قضية معينة كالمشجب تعلق عليه كل المشاكل. يعني المرأة التي لا تقدر ان تبدع تقول انه بسبب الرجل، فهذه المرأة نصفها بأنها أسيرة نظرة معينة، مثلما نصف رجل بأنه أسير نظرة أخرى تجاه المرأة، أو تجاه نفسه. في اعتقادي أن المرأة المبدعة حقيقة المرأة المبدعة حقيقة المرأة المثقفة ذات الأفق الواسع، لا يمكن أن تكون أسيرة نظرة، يعني هي من سمات المثقف الحقيقي قدرته على النقد الذاتي، وعلى إخضاع مفاهيمه بين الحين والآخر للاختبار والمراجعة، فالذي يقع أسير نظرة ما هو مشلول التفكير، أو غير قادر على نقد نفسه، سواءً كان امرأة أو رجلا.
مدرسون
@ لماذا برأيك حتى الآن لم تستطع أقسام اللغة الإنجليزية بجامعات المملكة تخريج متخصصين في الأدب الإنجليزي (بمعنى أنها تسهم فقط في تخريج معلمين للغة الإنجليزية)؟
- نعم في الأصل الجامعات لا تخرج أدباء. بمعنى أن النظام التعليمي في الأساس لا يخرج أدباء. ومن المقولات الأساسية أنك لا تتعلم كيف تصير شاعراً، أو كيف تصير كاتباً.
أديب موهوب
@ لكن يمكن أن يكون الطالب ممتلكاً لموهبة الأديب، لكنها كامنة في نفسه، ولا يشعر بتدفقها أو يكتشفها إلا من خلال دراسته للأدب.
ـ نعم هذا يحدث بين الحين والآخر.. يحدث على مستوى فردي، فلعلي أضرب بنفسي مثلا، فأنا عندما درست في قسم اللغة الإنجليزية وآدابها، كان طموحي أدبياً بالدرجة الأولى، هو أن اتحول إلى ناقد أدبي، وان أطور اهتمامي بالأدب، وفهمي له، وهذا حدث في حالات أخرى كثيرة لزملاء ولطلاب أعرفهم تخرجوا وموجودين في المجتمع الآن، يمارسون الكتابة وينتجون، ولكن أحياناً لا يكون معروفا ان هؤلاء من خرجي أقسام اللغة الإنجليزية أو غيرها، ومع ذلك أضرب مثلا سريعا بسعد الدوسري القاص من خريجي قسم اللغة الإنجليزية وآدابها، كاتب القصة صالح الأشقر نفس الشيء، هذا مثال سريع ممن تركوا الجامعة، أو لم يعملوا في السلك الأكاديمي، لكن هناك مئات إن لم أقل آلافا ممن تخرجوا في الأقسام وتطورت لديهم مواهب، أو ربما واصلوا القراءة في هذا المجال، بينما الغالبية كما تفضلتِ هم مدرسو لغة انجليزية، بالمناسبة واحد مثلي أو مثل زملائي في الجامعات نحن لا نمارس النقد في الجامعات، بل نحن نمارس التدريس، تماما مثل ما يفعل طلابنا في المدارس الثانوية، صحيح أن بعضنا لا يدرس اللغة كلغة وإنما يدرس الأدب.. ولكن عندما ندرس الأدب نقوم بمهنة لا نقوم بعمل إبداعي. العمل الإبداعي في مجال النقد الأدبي أو في مجال الكتابة، نمارسه في الحياة العامة في الصحافة، في الكتب التي ننشر. فمن الطبيعي ان يتخرج مدرس لغة إنجليزية.. لكن السؤال هو هذا الفرد نفسه عندما دخل قسم اللغة الإنجليزية ماذا كان يريد؟ معظم الناس يريدون مهنة أو وظيفة يبحث عن ان يكون مترجماً في شركة أو مؤسسة أو مدرس لغة إنجليزية، لكن ممارسة الموهبة أو ممارسة الكتابة التي تحوله إلى مثقف هذه مسألة شخصية بحتة، متروكة له هو، ولعل هذا هو حال الكثيرين، ليس فقط في أقسام اللغة الإنجليزية، وإنما حتى أقسام اللغة العربية، عشرات الآلاف من خريجي هذه الأقسام مجرد مدرسين لغة لا أكثر، صحيح أن هذا عمل مهم وضروري وحيوي، لكنهم لم يتحولوا إلى أدباء، وليس بالضرورة أن نتحول كلنا إلى أدباء.
ديموقراطية امريكا
@ الديموقراطية التي تزعم أمريكا أنها تريد فرضها على حكومات دول الشرق الوسط ومنطقة الخليج.. ما موقفك منها؟
- أولا أنا لا أعتقد ان أمريكا في يوم ما من الأيام تؤيد الديموقراطية.
ترويج لدعاية
@ لكنها هي تروج لذلك؟
ـ نعم هي تروج لذلك، لكن هذا الخطاب المعلن، في حقيقة الأمر ليست هناك دعوة لذلك.. ليس هناك سعي حقيقي لذلك. هناك سعي لدعم توجهات تخدم الولايات المتحدة الأمريكية، سواء كانت ديمقراطية، أو غير ديموقراطية. الديموقراطية الحقيقية أحياناً يمكن أن نقول انها غائبة حتى عن النظام الأمريكي نفسه، يعني أنتِ لما تقرئين لكاتب مثلا نعوم تشومسكي المفكر الأمريكي المعروف وعالم اللغة، هذا الرجل يقول (ان امريكا أكبر دكتاتورية في العالم)، فهذه نظرة غير شائعة عن الولايات المتحدة، كيف يقال هذا الكلام، يقال ان النظام السياسي الأمريكي لا يتيح لكل من أرد ان يتولى السلطة، النظام السياسي الأمريكي محكوم بمصالح كبرى، تجعل اشخاصا معينين وفئات معينة هي فقط المؤهلة، فهذا يعني أن الديموقراطية بالمعنى المثالي الذي يشيع بين الناس، أنها تعطي الحرية لكل من أرد، والفرصة متاحة لمن يريد، هذا كلام مثالي نظري، ليس متحققا في الواقع الفعلي في الولايات المتحدة، هناك دول أو أنظمة سياسية أقرب إلى الديموقراطية هذه، أو إلى الوضع المثالي من الولايات المتحدة، من ناحية أخرى عندما تتحدث الولايات المتحدة عن بث الديموقراطية في العالم، في الواقع هي تتحدث عن إقامة أنظمة مساندة لها، وبالذات مساندة للنظام الاقتصادي الذي تدعمه الولايات المتحدة، نظام معين يساعد على عولمة الاقتصاد الرأسمالي الأمريكي، بغض النظر عن مصالح الشعوب نفسها، لكن الشعوب والمجتمعات والدول المختلفة هي التي ينبغي أن تسعى لما هو في صالحها هي، غير مدفوعة من جانب أحد، سواء أمريكا، أو غيرها.. وأعتقد ان الوضع الصحي هو ان الشعوب تنظر فيما هو في صالحها، وتطور نفسها، وتصحح أوضاعها بما يخدم مستقبل هذه الدول، ومستقبل شعوبها، وإلا فالتطوير الذي تتحدث عنه ان الولايات المتحدة هو في الواقع يصب في صالح الولايات المتحدة، قبل أن يصب في صالح غيرها، وهذا هو الطبيعي ان يحدث.. ومن الذي يتخيل ان الولايات المتحدة تقوم بدور نبوي رسولي في العالم لبث الخير والمحبة والعدالة؟!! الولايات المتحدة دولة تبحث عن مصالحها بالدرجة الأولى، وعندما تتحدث عن ديموقراطية فهي تتحدث عن ديموقراطية تخدمها، لكن هل هذه الديموقراطية التي تتحدث عنها تخدم هذه الشعوب؟!! هذا السؤال المطروح. وفي اعتقادي ان الإجابة عنه أنها في الغالب لا تخدم، لأن أشكال التطور ينبغي أن تنبع بالدرجة الأولى من داخل هذه المجتمعات والثقافات.. طبعا الداخل وحده لا يكفي، لابد من التفاعل مع الخارج، ولذلك أقول انه من الضروري لهذه المجتمعات، سواء في منطقتنا أو غيرها، أن تنظر لمصالحها، وتتفاعل مع الآخر بما يخدم هذه المصالح، دون أن يأتي التطوير من أحد، سواء كانت الولايات المتحدة أو غيرها.
غموض
@ هناك غموض يلف منطقة الخليج العربي، ومصير منطقتنا بشأن إعلان الحرب ضد العراق، برأيك هل تتوقع أن تتكرر أزمة حرب الخليج الثانية؟
- لاشك أن هناك غموضا كبيرا، والمسألة هي مسألة تكهنات إلى حد كبير. فأي حكم بأن الوضع سيسير في هذا الاتجاه أو ذاك، هو حكم قائم على تكهنات كبيرة، هناك من يرى أن الحشود العسكرية الضخمة هي للضغط باتجاه تغيرات سياسية معينة، أكثر من كونها لقيام حرب، وهناك من يرى أن الحرب آتية لا محالة، الإعلام يلعب دوراً كبيراً في الواقع في هذا السبيل، وفي تصوري أن الغالب على اللعبة الإعلامية هو الإثارة بكل أسف، وليس التحليل المعمق للأوضاع وأنا هنا أتحدث عن الوسائل الإعلامية العربية، الصحف والفضائيات.. لذلك من الطبيعي أن يحتار الإنسان وهو يتابع هذه التطورات، ويتابع التحليلات التي تتناولها والأخبار التي تبث من خلالها، من الصعب عليه أن يرى الواقع كما ينبغي أن يكون، لكن الاحتمالات كلها قائمة، وليس أمامنا إلا أن نتمنى من الله أن يحدث التغيير الإيجابي في المنطقة، دونما حاجة إلى العنف، و دونما حاجة إلى التدمير، فلا شك أن أي حرب تحدث في المنطقة ليست من صالحنا، وليست من صالح شعوبها، مهما كانت التغييرات الإيجابية التي تنتج عنها، وما نتمناه جميعا هو ان نصل إلى التغيير الإيجابي، لكن دون دمار.
أزمة القبول
@ ما تعليقك على أزمة القبول في الجامعات السعودية؟
- أزمة القبول في الجامعات السعودية نشأت بطبيعة الحال عن تزايد أعداد الطلاب ومحدودية المؤسسات التعليمية، سواء من حيث العدد أو من حيث الطاقة الاستيعابية، لكن هذا في اعتقادي يسير إلى حل، بالسماح للجامعات والكليات الأهلية باستيعاب ما يمكن استيعابه، وإن كنت أرى ان هذه العملية تسير ببطء أكثر من اللازم، يعني ظهور الجامعات والكليات الأهلية نسمع عنها الكثير، ولكن النتائج المرئية أقل مما نسمع عنها، ولذلك فإن المشكلة ستستمر طالما لم يتبلور عدد كاف من المؤسسات الأهلية القادرة على استيعاب هذه الطاقات، وكذلك في ظل نقص المؤسسات الحكومية.
تطور المرأة
@ هل تعتقد ان المرأة قادرة على التطور في سوق العمل الحديث؟ الا تعتقد انه آن الأوان لأن تعطى مجال أو مساحة أوسع؟
- مؤكد.. مؤكد لا نقاش في هذا. المرأة طاقة ضخمة، وما تزال معطلة في كثير من الجوانب، التي يمكن أن تبدع من خلالها، ونحن من أقل الشعوب استفادة من طاقات المرأة في العمل الإبداعي، مع أنني أرى ان دور المرأة في بناء العائلة دور أساسي ومهم، ولا ينبغي أن تتم مشاركتها على حساب هذا الدور الأساسي، لكن تحقيق التوازن مطلوب، وحياتنا العامة بحاجة للمرأة مثل ماهي بحاجة للرجل.
طفولة, دراسة.. ثقافة
@ حدثنا عن طفولتك.. دراستك.. مصادر ثقافتك التي صنعت منك رجلا له ثقله في الساحة الثقافية والحركة النقدية؟
- فيما يتعلق بحياتي الشخصية من الصعب أن أقول كل ما ينبغي أن يقال، أو أهم ما ينبغي أن يقال، لكن باختصار شديد أنا أعيش حياة عائلية مستقرة والحمد لله، لي ابنتان تخرجتا في الجامعة، ولي ابن لا يزال في طور الدراسة، في هذه المرحلة من العمر اتطلع إلى تحقيق بعض الأماني العلمية والثقافية، واستكمال مشروعاتي في الدراسة في مجال البحث وما يتصل بذلك، وفي اتمام مشاريع بدأتها، وأرجو من الله أن تتاح لي الفرصة لإنجازها في وقت قصير، وكذلك أيضاً أن أواصل تفاعلي مع الحياة الثقافية بشكل عام، لا شك أن الاستقرار العائلي مهم لتحقيق ذلك، وهو ما أحمد الله عليه، السنة الماضية كانت سنة صعبة علي قليلاً، لفقد والدتي رحمها الله، وأنا عشت سنوات الدراسة العليا في البعثة بعد فقد والدي رحمه الله، ففقد الصلة بوالدتي كان له تأثير أكيد مهم، لقربي منها رحمها الله وللدور الأساسي الذي لعبته في تطوري كإنسان، وفي توجيهي الوجهة التي ارجو إن شاء الله أن تكون صحيحة. وبطبعي انا إنسان اجتماعي كثيرا، لي علاقات واسعة مع الاصدقاء والزملاء، وارى في هذه العلاقات رافدا مهما في تحقيق استقرار نفسي، ودافع لمزيد من الإنتاج، وإن كانت هذه العلاقات في بعض الأحيان عائقاً، خاصة لمن هم مثلي يحاولون أن ينتجوا أعمالا أو مشاريع ثقافية جادة، لا شك أن ضغط الوقت الذي تتطلبه او تمارسه الحياة العلمية والثقافية على الإنسان يصطدم برغبة الفرد منا بالاتصال بالمجتمع والإبقاء على الصلات العائلية والاجتماعية المختلفة، فهذا الصراع، أو التوتر، موجود في حياتي مثل ما هو موجود في حياة الكثير منا، ولكن طبعاً المحاولة مستمرة لإحداث التوازن بين هذه المتطلبات، وإن كان بعض الإصدقاء يلومونني على العزلة، ويرون أنني منعزل أكثر من اللازم، فأنا من جانبي أرى أنني أقل انعزالا مما ينبغي. أو مما تتطلبه مني طموحاتي أو التي ارجوا أن أتوفر على تحقيقها.
درست معظم سنوات الدراسة في مدينة الرياض، ولكني درست في المراحل الأولى وعلى فترات متقطعة في مناطق أخرى، خاصة في شمال المملكة، وقد يعلم بعض الذين قرأوا سيرتي أو لاحظوا بعض الكتب أنني من مواليد شمال المملكة، ولدت في القريات في الشمال، وان كنت لا أنتمي لهذه المنطقة، هذا اعطى انطباعا أنني من أهل الشمال، لكنني عائلياً انتمي إلى القصيم، عائلة البازعي من القصيم، ودراستي كلها تقريبا ما عدا الاستثناءات القليلة كانت في الرياض، وواصلت بعدها الدراسة في جامعة الملك سعود التي كانت آنذاك تسمى جامعة الرياض، والدراسة في الولايات المتحدة تمت في جامعة واحدة، كنت طوال تلك الفترة متزوجاً، وانجبت ابنتين أثناء البعثة، وقد انتهت دراستي عام 1983م، منذ ذلك الحين وأنا أواصل التدريس في جامعة الملك سعود في قسم اللغة الإنجليزية، واستطعت والحمد لله اثناء هذه الفترة أن ارتقي السلم الاكاديمي، وفرغت لتحقيق ما استطعت تفريغه من أعمال، فكما تشاهدين سنوات الدراسة تمت بيسر، وكما توحي بذلك المدة الزمنية.
عمر
@ كم عمرك الآن؟
- 55 سنة.
يشارك في احد المؤتمرات