DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

الاغتيال

الاغتيال

الاغتيال
الاغتيال
أخبار متعلقة
 
اسلوب الاغتيال قديم العهد في حياة الشعوب لكننا في حدود علمنا لا نعرف مؤرخا واحدا استطاع ان يستنتج بأن هذا الاسلوب تمكّن من ازالة فكرة أو موقف سياسي أو ديني أو ثقافي أو اجتماعي بل انه يؤدي إلى عكس ذلك تماما ويؤسس لحالة من الريبة وانعدام الثقة والجنوح نحو العنف ويعطل الحوار وقد يزرع بذور الفتن لسنوات عديدة وأحيانا لقرون طويلة لا يعود من السهل التخلص منها خصوصا عندما يتجذر فعلها في الوعي الجمعي ويعمل التراكم الزمني على تحويلها إلى دوافع متجددة عصية على المناقشة وعلى المجادلة العقلانية والتاريخية.. مؤخرا شهدنا في اليمن عملية اغتيال المثقف والسياسي جار الله عمر ونحن هنا لا نناقش افكاره ولا مواقفه ولا أفكار خصومه ولا مواقفهم بل نسأل عمّا اذا كانت القوى السياسية في مجتمعنا العربي وعلى اختلاف مشاربها قد وصلت إلى حالة من العجز عن الحوار مع الذات والحوار مع الآخر بحيث لم تعد قادرة على تحمل وجود الآخر المختلف كما لم تعد قادرة على مقاومة فكرة الاغتيال؟ طبعا إذا كان منطلق هذا الحديث الآن هو اغتيال جار الله عمر في اليمن فهذا لا يعني أبدا ان مسألة الاغتيال تشكل حالة يمنية فقط فالحقيقة ان أي بلد عربي لا يخلو من هذه اللوثة الدموية في الحياة السياسية الثقافية سواء كانت على مستوى القوى في السلطة أو في خارج السلطة وقد يقول لنا قائل إن هذه المسألة ليست موجودة عند العرب وحدهم فنقول هذا صحيح لكن الأصح ان الاتجاه إلى التخفيض من وطأة هذا الاسلوب من خلال الاشارة إلى وجوده المماثل عند مجتمعات أخرى يوقعنا في فخ الثقافة التبريرية بينما نحن ـ وغيرنا ايضا ـ نحتاج إلى عقل نقدي حواري يساعدنا في النظر الموضوعي إلى مشاكلنا وفي محاولة النهوض من كبوتنا بدلا من الاستغراق في التعصب والعصبية النرجسية الضيقة وأوهام امتلاك الحقيقة لدى شخص واحد ولدى فريق واحد الاغتيال بشع فعلا وخطر ايما خطورة كونه ليس ردة فعل شخصية سريعة وفورية وآنية وليس جريمة عادية لأهداف ودوافع ذاتية ولأسباب نفسية أو غيرها بل هو قرار سياسي ثقافي مخطط باعصاب باردة ومنفذ باعصاب حارة لا تتردد في التفنيد لأن صاحبها يقدم عليها وهو يظن انه يقوم بعمل مشروع وانه يخدم ما يعتقده مصلحة الجماعةقق وهنا الكارثة السياسية والفكرية والواقعية أي تلك التي تبدأ من الاعتقاد بأن اغتيال الآخر المختلف هو واجب وليس جرما لقد اثبتت التجارب التي نعرفها في تاريخنا العربي وفي تاريخ غيرنا ان الاغتيال لم يقدم حلا في أية مرة سواء أقدمت عليه مجموعات أو احزاب أو افراد أو دول كما ان محاولات المنظرين السياسيين المؤيدين لاستخدام العنف تركزت كثيرا على المجابهات والقتال ولم تستطع تقديم أي تفسير مقنع لاعتماد أسلوب الاغتيال بمن في اولئك ميكيافيللي الذي يتبنى مبدأ الغاية تبرر الوسيلة لم يتجرأ على تقديم نظرية للاغتيال في كتابه الأمير النصائح والتمنيات لا تنفع في هذا المجال بل المراجعة النقدية وحدها هي الطريق نحو التخلص من هذا الاسلوب ولعل التحديات والتهديدات التي تطوقنا حاليا تشكل دافعا نحو هذه المراجعة قبل فوات الأوان. الوطن القطرية