أشرنا في المقالة السابقة إلى أن تأهيل و إعادة تأهيل خريجي مراحل التعليم المختلفة لسوق العمل بالمملكة ، ينبغي أن يسبقه إعادة تأهيل قطاعي التعليم و التدريب ليلبي طموحات التنمية و مشاريعها العملاقة بالمملكة و حتى يمكنها أن تتواكب مع المعطيات الاقتصادية محلياً و عالمياً.
يعول سوق العمل بشكل أساسي في توفيره للقوى العاملة السعودية على مخرجات التعليم و بالتحديد على شريحتي كل من خريجي المرحلتين الثانوية و الجامعية ، و قد ذكرنا في إحدى المقالات السابقة و من خلال إحصائيات التعليم أن جامعاتنا أو كلياتنا بالمملكة تستوعب أكثر من 15 % من خريجي المرحلة الثانوية في الوقت الراهن . و يمكن للأرقام أن تعبر بشكل أدق في المستقبل القريب عن حجم الفجوة الكبيرة بين مخرجات التعليم و مدى فقدان التناغم بينها، خاصة ما بين المرحلتين الثانوية و الجامعية ، حيث أنه من المتوقع أن يصل عدد الطلبة و الطالبات الخريجين من الذكور و الإناث في المرحلة الثانوية عام 1430هـ إلى أكثر من 600.000 طالب و طالبة بنسبة نمو سنوية تصل إلى أكثر من 12% بينما من المتوقع أن يصل عدد خريجي الجامعات السعودية من الطلبة و الطالبات و بالإمكانيات المتاحة في نفس العام 1430هـ ، ما لا يزيد على 50.000 طالب و طالبة و بنسبة نمو لا تزيد أيضاً على 1.1 % حيث وصل مجموع عدد الخريجين من الطلبة و الطالبات للمرحلة الثانوية عام 1420 هـ 188.799 طالبا و طالبة وعدد خريجي المرحلة الجامعية 44.395 طالبا و طالبة و يمكن ملاحظة الفجوة التي تتسع بين مخرجات المرحلتين من خلال الرسم البياني .
علماً بأنه لم تتضمن هذه القراءات ، المعاهد الفنية و الإدارية و العلمية و الكليات التقنية و العسكرية و التي يمكن أن تسهم في تضييق هذه الفجوة و بالتالي فإن الإمكانيات المتاحة حالياً من جامعات و كليات و معاهد مدنية و عسكرية تظل بحاجة إلى التوسع المستمر لتواكب النمو المضطرد في أعداد خريجي المرحلة الثانوية ، و تأهيلها و إعادة تأهيلها بتطوير المناهج العلمية و أساليب التعليم و التدريب و كذلك على القطاع الخاص أن يلعب دوراً أكبر نحو الاستثمار في هذا القطاع الهام خاصة فيما يتعلق بالتخصصات العلمية الدقيقة و عالية التقنية التي يمكنها أن تلبي حاجة سوق العمل المحلي و استحداث حاضنات تقنية Science Parks يتوفر فيها المناخ الملائم للمبدعين و المبتكرين و المخترعين و تعود بشكل إيجابي على أداء الآلة الصناعية بالمملكة . و لعل الترخيص مؤخراً لأكثر من ثلاثين كلية أهلية في كافة أنحاء المملكة قد يساهم في تقليص هذه الفجوة و يخفف من اكتظاظ الآلاف من الطلبة على مراكز القبول و التسجيل لدى جامعاتنا و لعلنا أيضاً في مقالة أخرى نلقي الضوء بشكل أكبر على قطاع التعليم الأهلي ما له و ما عليه و الدور المناط على الجامعات و الكليات العلمية تجاه البحث و التطوير العلمي .
عضو شرف الجمعية السعودية لتطوير و نقل التقنية