كانت الوجوه متعبة، لكنها تتمايل مع صوت ام كلثوم الذي يصدح في مقهى عربي في مدينة عربية، كان المقهى رغم حداثته لكنه جزء من روح الستينات. تلك الوجوه التي جمعت كل تضاريس العالم العربي، شوام ومصريون وعراقيون عرب الجزيرة وعرب المغرب، جمعتهم حياة واحدة واستهوتهم بقايا روح الستينات، حيث الاحلام مندفعة بقوة باتجاه المستقبل، ومع ارتطام تلك الاحلام بواقع مختلف اكثر انخفاضا واقل اندفاعا اصبحت الوجوه اكثر ميلا الى العيش بحلم محدود.
في هذا المقهى العربي تبدو الوجوه التي تمايلت يوما ما في الستينات مع صوت ام كلثوم تبدو الآن باهتة، ولكنها اكثر استقرارا.
بعض الذين تحدثت معهم ممن كانوا يحملون الافكار القومية العربية ومازالوا شعرت بانهم اكثر اضطرابا في الحديث عن الواقع العربي مع ان هذا الواقع يجعل الجميع مضطربين، سواء مع من عاشوا في الستينات او السبعينات وحتى الطفل في هذه الايام لا يخفي قلقه. ولكن الحياة تستمر، نفس الوجوه وربما في نفس المقهى، لا تزال تجد طريقة في العيش والتكيف مع الحياة، بكل ضروبها واشكالها بكل افراحها ومعاناتها، نفس الوجوه تجد طريقا لان تبقى واقفة وتجعل اليوم والغد يمضيان باقل معاناة.
وفيما تستمر الحياة ويستمر رواد المقهى في الحديث عن الزمن الجديد تواصل ام كلثوم مواساة الجيل الجريح وتعلو اكثر كلمات اغانيها، تفيد بأيه يا ندم .. يا ندم جريدة عمان*