الله سبحانه وتعالى اعطى الانسان عيونا ليرى بها واذانا يسمع عبرها وعقلا يفكر به, فيرى الاشياء على حقيقتها والالوان لا تتغير طالما انه يرى بعينيه السليمتين حتى لو قال له مليون انسان ان اللون الابيض هو لون اسود, والذي يسمع بأذنيه غير الذي ينقل الحديث له عبر اشخاص وقنوات, فمهما كانت الدقة في نقل الكلام فلن يخلو من مبالغات او اضافات او حذف.
والعقل هو النعمة التي من الله بها على البشر وغيرهم عن بقية المخلوقات فأصبحوا يدركون الصواب من الخطأ والخير من الشر والليل من النهار فالحيوان (اعزكم الله) يرى ويسمع ويأكل ويشرب ويصحو وينام ويتألم ويمرض ويموت.. تماما كالانسان (اطال الله في اعماركم) والفارق الوحيد بيننا كبشر وبين تلك المخلوقات هو العقل الذي نفكر به ونميز به الاشياء ونحكم عبره على الآخرين خيرا او شرا.
ومادام الله اعطانا كل هذه النعم فلماذا نتخلى عن بعضها او كلها للآخرين؟ لماذا نسمح للآخرين بان يروا عنا ويسمعوا بدلا منا ويفكروا لنا ويقرروا من الذي معنا ومن ضدنا, ومن يحبنا ومن يكرهنا, من يقول الحقيقة ومن يكذب؟
امر غريب يمارسه بعضنا, نفر من الآخرين ولا نفتح عيوننا لنرى الصواب من الخطأ ونرى الالوان امامنا على طبيعتها ونقبل ان يتحول الازرق الى اسود والاخضر الى احمر.
وغريب ان نضع في اذاننا طينا وعجينا وربما صبة خرسانية لكي لا نسمح ونتنازل عن هذه النعمة لآخرين يسمعون عنا ما يريدون ويمنعون عنا مالا يريدون.
والاغرب من كل هذا وذاك ان نقبل منح حقولنا اجازة مفتوحة فلا نفكر ولا نناقش ولا نفهم الحقيقة ونترك الآخرين ليفكروا نيابة عنا ويحددوا علاقتنا بالآخرين.
كم من المشاكل والفتن والبغضاء والعدائية في مجتمعنا لان الكثير منا لا يريد ان يرى او يسمع او حتى يفكر ويكتفي بما ينقل اليه دون تمحيص او بحث عن الحقيقة
فكروا معي..