يقف صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد امير المنطقة الشرقية وراء انشاء جامعة المنطقة الشرقية الأهلية، يقود مسيرتها ويعزز خطواتها ويدعم قراراتها.. وتبدو الغرفة التجارية الصناعية للمنطقة الشرقية جادة في تأسيس هذه الجامعة من خلال رجال الاعمال المشاركين في مشروعها، والغرفة في تاريخها المشرق تتبنى مواقف ايجابية، ومبادرات رائدة ولعل افتتاح قسم الادارة للبنات في مقر جامعة الملك فيصل بالدمام تحت عناية رجال الاعمال بالشرقية.. بداية طيبة على طريق التعليم الاهلي الجامعي، وانها تجربة يمكن ان تعطي نتائج مشجعة كما انها ثمرة ايجابية للتعاون بين القطاع الخاص والجامعات القائمة بالمنطقة الشرقية.
ويرى كاتب هذه المقالة ان جامعة الملك فهد بالظهران وجامعة الملك فيصل بالاحساء والدمام يمكن أن توفر المباني والتجهيزات للجامعة الأهلية مساء ولو بصفة مؤقتة ريثما يتم انشاء مباني الجامعة الأهلية ومرافقها والتي أقترح ان تنشأ في حي جامعي خارج المدن ويقع في مكان يتوسط بموقعه بين الدمام والخبر والظهران، وان يتسع لهذه الجامعة ومتطلباتها وتتوافر فيه مساحات أخرى للكليات الأهلية لتأجيرها عليها.. هذه الكليات التي ينبغي ألا تكون تكرارا للتخصصات العلمية المزمع تدريسها في الجامعة الأهلية المشار اليها آنفا. بل ان التخصصات سواء في هذه الجامعة او في الكليات الأخرى المتوقع تأسيسها يجب ان تلبي متطلبات سوق العمل وان تأسيس جامعة أهلية يعتبر من اهم الادوار التي يمكن ان يلعبها القطاع الخاص في المملكة في سبيل تنمية الموارد البشرية وتأهيل القوى العاملة الوطنية التي تستطيع الدخول في سوق العمل بكل كفاءة.
ولقد اتاح نظام الجامعات الجديد الصادر عام 1414هـ للقطاع الخاص امكانية انشاء جامعة أهلية (الفقرة 14 من المادة 15).. ولما كان من المؤكد ان القطاع الخاص يقف على قاعدة اقتصادية واسعة وثابتة الدعائم واضحة الأبعاد والأهداف فان من الثابت انه مؤهل للقيام بدور اكبر في تنفيذ مشروعات خطط التنمية السعودية تؤهله لذلك الامكانيات المادية والمعنوية التي أتاحتها له حكومة خادم الحرمين الشريفين.. ويؤهله لهذا الدور ما يتميز به رجال الاعمال السعوديون من خبرة واعية وكفاءة إدارية بحكم ما تراكم في الساحة الاقتصادية من تجارب ناجحة وخبرات واسعة.. الامر الذي يحتم تجاوز النقطة الزمنية الراهنة الى زمن اكبر طموحات وممارسة وأكثر عملا وانتاجا.
ولاشك ان الاستثمار في انشاء جامعة أهلية لإعداد الإنسان السعودي وتأهيله ليؤدي دوره في ميدان الانتاج أمر ذو جدوى اقتصادية واجتماعية وتعليمية وهو استثمار تقتضيه الأمور التالية:
ـ ان تزايد اعداد خريجي المرحلة الثانوية في المملكة يفوق بكثير القدرة الاستيعابية لمؤسسات التعليم الجامعي الحالية.. ومن المتوقع ان نسبة لا تقل عن 40% منهم سيكونون خارج مدرجات هذه المؤسسات مما سيؤدي الى حتمية تشغيل عدد منهم في مؤسسات القطاع الخاص.. الذي تقتضيه اسباب اجتماعية واقتصادية وامنية وهي تترابط كلها معا في خط واحد لا يمكن فصله.. وقيام الجامعة التقنية الأهلية سيتيح للقطاع الخاص حرية الحركة في تخطيط المناهج التي من شأنها ان تعد الأطر الادارية والفنية من السعوديين لتناسب في كمها وكيفيتها... وتخصصاتها متطلبات النشاطات الاقتصادية المختلفة لهذا القطاع.
ـ إن الاستثمار في تأسيس جامعة تقنية أهلية في المملكة عمل يدل على رؤية واضحة لمتطلبات المستقبل ويدل على كفاءة القطاع الخاص للقيام بدور أكبر في تنمية الموارد البشرية والاقتصادية مما يؤهله للاضطلاع بمسئوليات أكبر في المستقبل.
ـ تؤكد ورقة العمل المقدمة من غرفة تجارة وصناعة الرياض للمؤتمر الرابع لرجال الاعمال السعوديين الذي عقد في الفترة من 24ـ27 شوال 1409هـ عن (افضل السبل لزيادة مساهمة العمالة السعودية في القطاع الخاص) حقيقة عدم استيفاء احتياجات القطاع الخاص من العمالة من مخرجات التعليم والتدريب المتاح في البلاد.
والواقع ان العجز في اعداد خريجي التعليم التقني والتدريب المهني سيظل قاصرا عن مواكبة الحاجة الفعلية للقطاع الخاص سواء من حيث العدد او المستوى التأهيلي او التخصصي مما يجعل لتأسيس جامعة أهلية تقنية أهمية قصوى في هذا الصدد.
ولقد اوصت ورقة غرفة الرياض بما يلي:
ـ التأكيد على الدور الإنمائي للقطاع الخاص في مجال توظيف العمالة الوطنية ومساندته بشتى الوسائل لتمكينه من زيادة معدلات نموه في هذا الاتجاه.
ـ استخدام أفضل الأساليب الممكنة اقتصاديا للإحلال التدريجي للعمالة الوطنية محل العمالة الوافدة بتمكين العمالة الوطنية من النمو بمعدلات اكبر من المعدلات التي تزداد بها العمالة الوافدة.
ـ توثيق ارتباط السياسة التعليمية بصفة عامة بمتطلبات السوق المحلية من القوى العاملة والتوسع في التعليم الفني والتدريب المهني وتطوير مجالاته مع تكثيف برامج التوعية للمجتمع لتقبل هذا التوجه التعليمي.
ـ توجيه الشركات الكبيرة للاستثمار في مجال التدريب لتغطية حاجتها من العمالة الوطنية.
ومن هذه التوصيات تتضح أهمية توفير التعليم الفني والمهني للعمالة السعودية.. ولكنني أشك في امكانية التعليم التقني الحالية في تلبية المتطلبات الملحة لمؤسسات القطاع الخاص وحاجتها الى كوادر تنطبق عليها الشروط والمواصفات التي في أذهان أصحاب المؤسسة لاسيما ان مائدة التنسيق بين القطاع الخاص ومؤسسات التعليم والتدريب في بلادنا.. لاتزال بعيدة المنال تختلف الطرق المؤدية اليها بحيث لا يتلاقى الطرفان حول تلك المائدة.. لاختلافات جوهرية ادارية ومنهجية.
والقطاع الخاص مؤهل لتأسيس جامعة أهلية تقنية فهو يدرك الجدوى العلمية والتقنية من تأسيسها.. واعتقد انه يدرك الجدوى الاقتصادية لها لانها ستنعنى باختيار القدرات المتميزة من المتقدمين لها من خريجي المراحل الثانوية العامة والتقنية الذين يمكن أن يقدموا الرسوم او يحصلوا على منح او قروض تستوفى بعد تخرجهم والتحاقهم بالعمل لمن يثبت أهليته وجدارته.. علما وممارسة.. وفي هذا تحقيق لمبدأ الاصطفاء والاختيار للأصلح مما سيوفر للقطاع الخاص عمالة سعودية مدربة مقبلة على العمل والانتاج برغبة وطموح ومما يقترح في هذا الشأن:
ـ الاهتمام بمناهج اعداد الكوادر الادارية والتقنية وللمشروعات الصناعية والتجارية والتقنية من البنين والبنات.
ـ ان يمنح القطاع الخاص استقلالية في تحديد التخصصات التي يحتاج اليها سوق العمل السعودي.
ـ ان يتاح لهذا القطاع استغلال مرافق الجامعات السعودية الحالية.. ريثما يتم تنفيذ المشروعات للمباني والتجهيزات وذلك في أوقات خلوها من الطلبة.
ـ ان يؤسس في الجامعة الأهلية معاهد متخصصة لمنح شهادات التدريب والشهادة الفنية الجامعية المتوسطة في مختلف التخصصات المطلوبة.
ـ ان يتاح للقطاع الخاص الاستفادة من مباني وتجهيزات الكليات والمعاهد التقنية القائمة حاليا تحت ادارة المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني.
ـ أن تنضوي المعاهد الأهلية الحالية في إطار الجامعة الأهلية المزمع إنشاؤها.
ـ ان يكون تعليم الكبار والتعليم المستمر من أولويات هذه الجامعة للارتقاء بمستوى العاملين في مختلف المؤسسات وإتاحة فرصة التأهيل والتدريب لهم.. والله ولي التوفيق.