عزيزي رئيس التحرير
تاريخ العربي خصوصا في صحراء هذه الديار كان مرتبطا ارتباطا وثيقا بالجمل سفينة الصحراء ، ولا عجب فقد كان عليه بعد الله الاعتماد في التنقل في تلك الفيافي القاحلة الظامئة . لذا عندما خاطب القرآن أهل تلك الديار عمد الى لفت أنظارهم الى تلكم النعمة العظمى التي وهبهم الباري سبحانه اياها ، وآمرا إياهم أن يتفكروا في عظمة خلقها وبديع صنعها . ولما كان القرآن العظيم يخاطب كافة العقول بسيطها وقويها جاهلها وعالمها ، لذا فإن المأمور بالنظر اليه نظر اعتبار وتفكر وهو الجمل لابد أن يكون حاويا من الصفات العظيمة الظاهرة التي يستطيع أي شخص أن يكتشفها بسهولة ولا تحتاج الى سعة فهم وقوة ادراك ، ومن ذلك مثلا كون هذا المخلوق العجيب يستطيع تحمل أعلى درجة حرارة في عز ظهيرة يوم قائظ من أيام صيف الصحراء في الوقت الذي يمكنه أن يتأقلم وببساطة مع درجة منخفضة جدا في عز صقيع ليلة شاتية من ليالي البيداء !، كما أنه من المؤكد لديه مزايا باطنة آخرى توصف بالعجائب والغرائب لم تكتشف إلا بعد تطور في العلوم الحديثة التي نبشت ماكان مطمورا بفعل الجهل وكشفت ماكان بالأمس مستورا ، ومن ذلك على سبيل المثال ،أن هذا الجمل يستطيع الاحتفاظ ببوله الى أبعد الحدود في أوقات الشدة وانعدام الماء ، حتى أنه يستطيع أن يعيد الاستفادة من ذلك البول المخزون بطريقة ما بصورة مدهشة عن طريق ارجاعه الى المعدة ! واخضاعه لعمليات كيميائية مخصوصة ! . في كتاب التفسير الضخم للشيخ " عبد الحميد كشك " رحمه الله تعالى فيوض من المعرفة المتعلقة بخصائص هذا الحيوان العجيب بما لا مزيد عليه في أي كتاب عربي آخر !! . اهتم الغرب بحيواناته المرتبطة به فأعمل كافة الجهود والامكانات من أجل التعرف على هذه تلك البهائم لأنها في النهاية تشكل جزءا من حياة أفراده ! ، في الوقت الذي يأمرنا ديننا الحنيف أمرا بالنظر في خلق الجمل نظر فكر وتدبر ، ومع ذلك لم نعر الأمر اهتماما كافيا يليق بذلك المخلوق الغريب وقبله بتحقيق كامل الانصياع للأمر الالهي حسب الطاقة العلمية في عصرنا والمستجدات التقنية !. عندنا هنا لا أعلم تواجدا منظما يعنى بالبحث العلمي المتعلق بذلكم الحيوان إلا من خلال مركزي بحث تابعين لجامعتي الملك فيصل بالأحساء وجامعة الملك سعود بالرياض !. ولما كان علمي بالأخير قاصرا بل لم أعرف بحقيقة تواجده إلا مؤخرا وقبيل كتابة تلكم السطور بأيام قليلة فقط ، لذا سيكون كل ما أتطرق اليه معنيا به أولئك المسئولون عن مركز أبحاث الجمال بالأحساء !. منذ أن كنت أدرس بكلية الطب البيطري بالأحساء وأنا أسمع أن هناك مركزا بحثيا يعنى بالجمال ، على أن علمي فقط- مع تواجدي بين ظهرانيهم - كان قاصرا على رؤية بعض الجمال التي كانت تخص ذاك المركز البحثي وأعلم أن لهم تجارب عليها !!. أما ماهي التجارب فلست أدري ولا أخال طبيبا بيطريا ممن يعملون في كل أرجاء المملكة يعلم عن تلكم التجارب شيئا ذا بال يفيده في حياته المهنية !!. وأنى لنا أن نعلم شيئا ولم يصلنا من ذلك المركز ومن باحثيه أي منشور أو مطوية أو كتاب يضم خلاصة أبحاثهم وهو ماكان لا ئقا بل واجبا عليهم أن يفعلوه . وحتى إن كان لديهم شيء من هذا القبيل فإنهم ليسوا بمعفيين من جريرة التفريط في ايصاله بأسلوب مناسب الى كافة المستفيدين منه وأعني بذلك الأطباء البيطريين في أقسام الصحة الحيوانية المنتشرة في المملكة ، بل إن المجتمع بأسره كونه مسلما يطالب بنشر نتائج الأبحاث التي تم التوصل اليها والتي تجعل من هذا المخلوق الفريد اعجازا قائما بذاته ، ولا أظن مسألة ايصال المعلومة بأسلوب مناسب وبسيط وشائق يعيق أساتذة كبارا بحجم القائمين على مثل ذلك المركز البحثي ، أوليس ذلك من نشر العلم وخدمة المجتمع ، فهل تراهم فاعلين !!، لعل وعسى .
د. ابراهيم عبد الرحمن الملحم