بعد العودة المظفرة للذئاب إلى الغرب الامريكي حيث كانت تعيش من قبل، بدا أن ظلالا من الشك أصبحت تحيط بالبرنامج الخاص بحمايتها من الانقراض. وبكل فخر وكبرياء، يشير حراس حكوميون لحماية الذئاب إلى عددهم الذي ارتفع إلى 575 ذئبا يعيشون الان في جبال وسهول غابات ولايات إيداهو وويومينج ومونتانا حيث كانت تلك الذئاب قد انقرضت قبل مائة عام على أيدي صيادي الحيوانات لاستغلال جلودها ومربي المواشي. من جانبه، يشير كارتر نيماير الذي قاد جهودا حثيثة قامت بها إدارة الاسماك والحياة البرية الامريكية منذ عام 1995 لتكاثر وحماية هذه الحيوانات المفترسة، إلى عدد الذئاب حاليا، وذلك بكل اعتزاز. وقال (أصبح لدينا عدد كبير من هذه الحيوانات أكثر مما كنا نتوقع.. مع وجود 260 ذئبا في براري إيداهو فقط، أعتقد أننا قد حققنا الهدف). إلا أن الذئاب أصبحت ضحايا للنجاح الذي حققته حيث اضطر نيماير في أبريل الماضي إلى حمل السلاح، والحزن يعتصره، للتصدي إلى وحشيتها مع حيوانات المراعي والحملان الوديعة منها. وباستخدام طائرة هليكوبتر حلق بها فوق تلال وايت كلاود في جبال روكي ماونتينز، ظل نيماير يفتش حتى عثر على الالباستر أو أنثى الذئب الابيض وقطيع من عشرة ذئاب من فصيلة وايت هوك أي الصقر الابيض كانت تقوده الالباستر. وبادر نيماير بالقضاء عليهم جميعا برصاص بنادقه من موقعه على متن طائرة الهليكوبتر.
وبالنسبة لنيماير، فإن هذا العمل مروع لما يثيره من مشاعر متضاربة بداخله. ويشرح بقوله إنه إجراء (ضروري)، لكنه يؤكد في الوقت نفسه بأن هذا العمل يعتبر من (أصعب وأحزن المهام) التي أداها على الاطلاق في حياته. ويضيف مدير الحياة البرية (الامر ليس سهلا). وكان قطيع الذئاب من فصيلة الوايت هوك قد دأب مرارا على افتراس وقتل المواشي والاغنام، وقد حاول مسئولو البراري خلال الصيف الماضي إبعاد القطيع المفترس عن مراعيهم، ولكن دون جدوى. إلا أنه مع استمرار هجمات الذئاب على الحملان الوديعة وعجول البقر، آخذ صبر المسئولين في النفاد. وقد أثار قتل قطيع الذئاب موجة من الاحتجاجات الدولية حيث تلقى نيماير مئات من الرسائل الغاضبة عبر البريد الالكتروني من خارج الولايات المتحدة. وتنص خطة تكاثر الذئاب على إما إعادة توطينها في براري أخرى، أو قتل الذئاب التي تغادر البراري وتقترب كثيرا من الاراضي الزراعية وتفترس الحيوانات المنزلية الاليفة.
وقد ظل نيماير، على مدى شهور، بتنسيق مع دعاة الحفاظ على الذئاب يحاول مطاردة قطيع وايت هوك وإبعاده عن مراعي المواشي. فأقاموا سياجا مكهربا وخصصوا حارسا ليليا على كل قطيع من المواشي وأطلقوا أعيرة تحذيرية في الهواء. لكن بعد تزايد هجماتها وعدم ظهور أي مؤشر على أن قطيع الذئاب سينسحب إلى مناطق نائية، تم اتخاذ قرار إعدامه بالرصاص. بل أصبح من المحتمل إعدام مزيد من الذئاب بعد أن ألقى المسئولون الفيدراليون المسئولية عن جرائم الذئاب على عاتق السلطات المحلية في الولايات الامريكية الثلاث إيداهو وويويمينج ومونتانا.
من جهته، يقول إيد بانجز وهو مسئول عن الذئاب التي تقطن شمالي جبال روكي ماونتينز إنه يتوقع أن يتم حذف الذئاب من قائمة الحيوانات المعرضة لخطر الانقراض، وذلك بحلول العام المقبل على أقصى تقدير. ويعرب بانجز ونيماير عن الاسف إزاء قتل قطيع الذئاب المثير للمتاعب، لكن كل تركيزهما أصبح ينصب الان على تحقيق هدف بعيد المدى، وهو العمل على تكاثر هذه الحيوانات المفترسة خشية تعرضها للانقراض التام. وقال نيماير (نتطلع، بصفتنا مدراء لشئون الذئاب، إلى تكاثر هذه الحيوانات المفترسة في منطقتنا مع تأمين سلامة وحماية الحيوانات الرعوية الاليفة). وفي السياق ذاته، يحاول حراس هذه الطرائد ابتكار طريقة جديدة وغير مميتة للسيطرة على تلك الذئاب: مثل تعليق قطع من القماش الاحمر الالوان على السياج المكهرب حيث أثبتت تجارب خوف بعض الذئاب من اللون الاحمر. ويقول نيماير (بعض من حراس الغابات والسكان المحليين سخروا من محاولاتنا، لكننا لن نترك أي وسيلة حتى نجربها). ويضيف (حتى الان، لم يهاجم أي قطيع من الذئاب أي إنسان .. في الغرب، تشكل الدببة والاسد الامريكي تهديدا أكبر للانسان من الذئاب).